للمعصية حرارتها المحرقة ،ولوعتها المفزعة ،وقيدها المؤلم ،وفي هذا اليم المتلاطم بالقلق، والاضطراب ،ينعم الله على عباده الغرقى، بقوارب النجاة المتمثلة في الاستغفار . فسرعان ماتتحول صحراء التيه ،إلى جنان خضرة لها علاماتها المميزة ، وسبلها الواسعة ، ونورها الوضيء . الطبيعة البشرية طبيعة قاصرة ، يزين لها عدوها الشهوات فتعمى الأبصار ، وتهوى القلوب ، وتتنازل الأرواح عن علوها ،ويستعمر الجسد ،ويطغى،لايرى إلا قضاء الوطر،وإشباع النهم ،والتجلي المزعوم ،الذي سرعان مايصرفه إلى أودية البعد السحيق ،فينادي فلايُسمع ،ويستغيث ولا مغيث ،هنايحرره التذكر ، ويغشاه الأمن ،ويبصر بالبصيرة ،عندما يعلم أنه ضعيف لا قوة له إلا بخالق يعينه ويهديه ،ولا حول له إلا بقوي ينصره ،ويحميه من نفسه الأمارة بالسوء ، فيتجلى له الاستغفار ،فيقوى بعد ضعف ،ويبصر بعد عمى ، ويحلق بعد أن هوى ، وينتصر بعد هزيمة ،فتقوى العزيمة ،ويخسر خصمه الرجيم ، ويعترف بالخطيئة ، فيثق بخالقه ،وتتلاشى الهموم ، ويلج من باب الأمل ،ليجد أرض السعادة ، وقد نمت بذورها ،وعمّرخرابها،واستعادت قوتها . فما أحوجنا اليوم إلى هذه الجملة العظيمة ،فمن منا لا يخطئ،ومن منا لايُقصر ، امتد نظرنا إلى عيوب الخلق ،ونسينا عيوبنا، وتجاوزنا المسافات الشاسعة نبحث عن أخطاءهم ،بينما ذواتنا القريبة هي الجديرة بالمراجعة والتقويم . ما الذي أيقظ مضاجع أولئك المستغفرين بالأسحار،فكان للسّحرعشق أخر ،ولذة لا تقاوم ،فدموع الاعتراف تبحث عن العفو ،وجسد الخطيئة الهزيل يرجو القوة والعون،في وقت الرحمة العظيم ،وقت النزول الإلهي الذي يقول فيه سبحانه هل من مستغفر فأغفر له ؟) . قال صلى الله عليه وسلم \"طوبى لمن وجد في صحيفته استغفارا كثيرا \" وقال صلى الله عليه وسلم من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ، ومن كل ضيق مخرجا ، ورزقه من حيث لا يحتسب ) . حري بنا ألا يكون للخطيئة سلطانها ، فتستعمرنا وتذلنا،وتسلب أرداتنا فنقبع في مستنقعها الآسن ،ونتجرع علقمها المرير. فلن نحل قيدها إلا بالاستغفار ، ولن نبدل شؤمها إلا بالاستغفار ، ولن نبتعد عنها إلا بالاستغفار ، ولن نقوى ونسلك مسلك الأخيار إلا بالاستغار ،أستغفرا لله ،أستغفر الله،أستغفر الله صالح سرحان القرشي [email protected]