ما لوصف الذي يمكن أن يجسد شخصيتك ودورك في الحياة أيها الممثل ؟ ما الذي يمكن أن يقال عنك وأنت تمارس مهنتك وهوايتك وجهدك الذي يتلقاه متابعك بمختلف الفئات والأعمار بشوق وانتظار ؟ هل أنت الواعظ والمرشد الذي يسلك في توجيهه أسلوب التجسيم والتفخيم والمبالغة 0 أم أنت المتلاعب بمشاعر الناس وأحاسيسهم بل و عقلياتهم أنّى كانت مستوياتهم 0 تجهش بالبكاء فتذرف دمعتك بغزارة وبحرارة ، فيقطَب حاجب المشاهد لبكائك ، ويتفاعل مع موقفك ، وبعد انتهاء دورك في المشهد تضحك بملء فيك في قدرتك على البكاء الإيهامي وعلى مقدرتك في تشكيل الموقف وتقمص الدور 0 تجسم الفضيلة والشرف فتقترب إليك المشاعر والأفئدة والأحاسيس ويتعاطف مُشاهدك مع دورك ، ثم تزيح هذا الثوب لتتقمص مشهدا آخر مناقضا لسابقه يجسم الشر والرذيلة لدرجة تجعل المشاهد ينفر من شخصيتك ويتحامل عليك 0 تتلوى جوعا ويعتري على وجهك سمة الفقر والحاجة والخضوع ، ثم لا تلبث أن تسأم من ذلك لتهرع صوب الثراء ومواطن النعمة والوجاهة 0 أم أنت الدمية الساذجة البسيطة التي تحركها خيوط الكاتب المسرحي ويد المخرج 0 تضحك بالأمر وتبكي عند الطلب 0 قل لي هل تتأثر نفسيتك بالمواقف المتناقضة ! فهل يبكي قلبك عندما تدمع عينك وهل تستطيع أن تضرب خصمك في المشهد ببرود عندما يستثيرك في الموقف ولون وجهك محمر وأطرافك ترتعد من أثر الغضب 0 كم أنت قوي وكم أنت ضعيف في آن واحد 00! ، كم أنت محَير أيها الممثل هل الأدوار التي تتقمصها تعطيك دروسا وخبرات تنافس بها الشيخ المسنَ الذي لا يملك ما يتباهى به في بقية حياته سوى التجارب والخبرات التي اكتسبها في مشوار حياته الطويل 0فهل جئت لتنازع هذا المسكين في ما بقي له من أمل بقية حياته وفيما تبقى له من مفاخر تجمَل في عينيه الحياة وتعطيه فرصة التحدث والتباهي مع الغير 0 ما أسرع حيازتك ميدان الشهرة والنجومية ، إذ تكسبها بوقت أسرع ، وبقاعدة أوسع من اكتساب المفكرين والمخترعين ورجال الأعمال وأصحاب المغامرات 0 كم هي الأسماء التي تسميت بها 0 وكم هي البيئات التي عشت فيها 0 وكم هي مجموع المواقف التي أوهمت فيها المشاهد بتعرضك للخطر ! 0 ترى هل يتاح للإنسان أن يعيش في هذه الحياة أكثر من مرة ، ويتحقق له أكثر من فرصة تتغير من خلالها شخصيته ومكان معيشته وأسلوب حياته 0 في تصوري أن الممثل يتحقق له شيئا من ذلك 0تحت مظلة الاصطناع ، ولا استغراب من هذا المصطلح فالعصر الراهن مليء بالنماذج الاصطناعية من حلي ولباس وأطعمة وشراب لا تنتمي للأصل إلا في الشكل أو اللون أو المذاق والملمس 00 ولكن من الممثل المبدع الذي يفترض أن يستحق النجومية والشهرة ، إنه ذلك الملتزم بأخلاق أمته ومعتقده ، يذود عنهما ويناضل من أجلهما 0 يحارب كل رذيلة ساقطة دون أن يتلوث بها بشعور صادق مناضل 0 حقا إن حياة الممثل العملية لعجيبة 0 تستحق التأمل ، والعمل على استغلالها وتسخيرها لقضايا الأمة والدين بصورة صادقة صحيحة سليمة من الشوائب 0 بدلا من إهدارها وتوجيهها نحو إشباع الرغبة الذاتية والشهوات والقضايا المادية الرخيصة التي قد تؤثر في السلوك وتسقط القيم وتحارب الفضائل 0 عبد الرحمن بن صالح المشيقح ------------------------------------------------------------------------------------------------------- تعليقات الزوار عبد العزيز فعلا ًوالاجمل في ان نثير مثل هذه المواضيع . فعلاً كثير نرى الممثل ولكن لم نتسائل كما تسائل وتأمل الكاتب الكريم انا خضت تجربة التمثيل لفترة لم تتجاوز السنة ولم اقتنع لعدم توجيهها لخدمة قضايا الامة والمجتمع بشكل جدي وفعال يدي بيدك استاذي الفاضل شكراً فهد الروقي مقال جميل يستحق الاشاده