أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور عبد الرحمن السديس، المسلمين بتقوى الله عز وجل في السر والعلن ابتغاء مرضاته ورحمته وعفوه فتقوى الله خير زاد في الدنيا يتزود به العبد ويتقرب به إلى الله. وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام:" اعلموا أن خير الحديث كتاب الله تعالى فهو الهدى والنور وإن أولى ما أعملت فيه القرائح وعلقت به الأفكاراللواقح الكشف عن حقائق التتريل وسبر أغوار التأويل وتبيين أسرار الكتاب الجليل فيه تقوم المعالم وتثبت الدعائم وهو العصمة الواقية والنعمة الباقية والحجّة البالغة والدلالة الدامغة وهو شفاء الصدور والحكم العدل عند مشتبهات الأمور فسبحان من سلكه ينابيع في القلوب وصرفه بأبدع معنى وأعذب أسلوب فالسعيد من صرف همته إليه ووقف فكره وعزمه عليه والموفق من وفقه الله لتدبّره وتذكره " . وبين الدكتور السديس، أن فضل القرآن الكريم على سائر الكلام ليس بخافٍ على أحد فهو كلية الشريعة وعمدة الملة وينبوع الحكمة وآية الرسالة ونور الأبصار والبصائر وأنه لا طريق إلى الله سواه ولا نجاة بغيره فليحرص المؤمن أن يتخذ القرآن الكريم أنيسه وأن يجعله جليسه على مر الأيام نظراً وعملاً . وأضاف فضيلته يقول :" إنه في هذا العصر الزاخر بالصراعات المادية والاجتماعية والظواهر السلوكية والأخلاقية والمفاهيم المنتكسة حيال الشريعة الربانية لا بد لها من العودة إلى أخلاق القرآن وآدابه فما أجمل أن نعيش لحظات في رحاب آياته نستلهم نفحاته وعظاته ونجني أطايب ثمراته ففي سورة الحجرات سورة الأدب والأخلاق التي تؤسس بالأدب مع الله ومع رسوله خير مثال ودليل على ذلك (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )) . وأشار فضيلته إلى أن الحضارة الإسلامية التي وطدتها شريعتنا الغرّاء وسعدت بها الدنيا عبر التاريخ ما هي إلا صورة وقادة من التزام أوامر الله تعالى وهدي نبيه وإذ كانت المآسي تلفح وجه الأمة في كل شبر وواد وفي مختلف الأصقاع والوهاد فليس أرجى ولا أنجى من تلمّس المقاصد الشرعية واتباع السنة المحمدية فهما مناط العز النصر واسترداد سابق عز الأمة وتليد مجدها . وأكد الدكتور السديس أن من أعظم الآداب التي جاءت بها سورة الحجرات والتي هي بحق منهجاً لاستقامة الفرد والمجتمع قول الحق سبحانه (( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ))، وإن في غمرة الأحداث المتسارعة الدامية والأوقات المستعرة الحامية تحاول بعض النفوس الضعيفة شرخ تلاحم الأمة بشائعات باطلة وأكاذيب ملفقّة يفترون على الناس الكذب ويقبحّون كل رائق عذب ، مبيناً أنه كلما اتسعت رقعة الشائعات الباطلات والأراجيف الذائعات التي يروجها ذوو النفوس الضعيفة كان إثمه عند الله أعظم فعلى المسلم العف أمام هذه الإفرازات النفسية الداكنة وأن يتمثل قول الحق جل جلاله (( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ )) ، تحقيقا للأخوة الإسلامية وسعياً في دروب الصلح والإصلاح بين المسلمين لا سيمّا عند الأزمات للبعد عن الصراعات ومجافات التحديات . وقال إمام وخطيب المسجد الحرام :" إنه في عصر الفضائيات وشبكات المعلومات ووسائل التواصل الاجتماعي يجب أن لا نعطي آذاننا للمهازيل الأغرار الذين ينشرون الإفك والبهتان والأقاويل المفسدة بين المسلمين بالتدابر والهجران والغيبة والنميمة والسخرية قال تعالى (( وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ )) ،فهذه الآية في حق الساخر والمستهزئ والمغتاب في أعراض المسلمين فكيف من يسفك الدم الحرام ويتطاول على بيوت الله بالإضرار بها وانتهاك حرماتها وترويع الساجدين الآمنين إنها أضاليل أناس تهصر مسالك المجتمعات وملاّك القيم الرضيات بمسالك معوجة يخالفون صريح قول الله تعالى (( يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ )) ، أي ليعرف بعضكم بعضا لا لتتنافروا أو تتشاحنوا أو تتقاتلوا وهنا يؤكد على أنه لا علاقة للإسلام بالإرهاب بكل صوره وأنماطه المعاصرة فالإسلام دين الرفق والرحمة واليسر والتسامح . وأكد فضيلته في ختام خطبته أن التفجيرات والهجمات والأعمال الدموية الإرهابية لا يقرها دين ولا عقل ولا نظر سديد فهي تتنافى مع كل الأعراف والمواثيق الدولية وإن الإسلام بريء من هذه التصرفات الشائنة التي لا تتماشى مع أصوله العادلة وقيمه الإنسانية السامية التي جاءت رحمة للعالمين فالدعوة موجهة لتكثيف الجهود في محاربة الإرهاب بحزم فكراً وممارسة لإحلال الأمن والسلم العالميين فالإسلام بتعاليمه يتمّم نبل الأخلاق والمكارم ونشر التسامح بين المجتمع .