أبى إلا أن يسطر كلمات الشكر والعرفان لكل القائمين على ملتقى اخلاقي حياتي والذي بدأت فعالياته الأربعاء الماضي وشهد حضوراً كثيفاً على مدار الأيام الخمسة الماضية . قدم الشاعر الدكتور عبدالرحمن العشماوي والذي استضافه ملتقى اخلاقي حياتي أمس الأول وفي مقال عرض عبر جريدة الجزيرة في عددها الصادر اليوم عن عميقه شكره للقائمين على الملتقى ونترككم الآن مع كلمات الشاعر الدكتور : دفق قلم رسالة أمن الوطن من أُمْلج من (أمِّ لُججّ) التي تعرف التاريخ، ويعرفها التاريخ معرفة الخبرة والتجربة والرحلة الطويلة، من (أُمْلُج) وهذا اسمها بعد أن دُمِجَ على الألسن عبر الأزمان تخفيضاً، كانت رسالة أمْنِ الوطن العزيز شعراً من خلال الأمسية الشعرية التي التقيت فيها بالجماهير الغفيرة من أهل أملج رجالاً ونساءً كباراً وصغاراً، رسالة أمْنِ الوطن الذي يسكن قلوبنا بجباله وسهوله، وواحاته وصحاراه الفسيحة، بصخوره ورماله، الوطن الذي يستقرُّ في أعماقنا بمكَّته ومدينته ورياضه وجميع مدنه وقراه وهجره شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً، الوطن ببنيتِهِ المباركة (الكعبة المشرَّفة) وحجره الأسود، وركنه اليماني، ومقام إبراهيم عليه السلام فيه، وحِجْر إسماعيل عليه السلام، ومَطافِه ومسعاه، بساحات حرمه المكي المبارك وأروقته، وأعمدته ومآذنه الشامخات، ببطحاء مكَّته المباركة وغار حراء وثور، وجبل أبي قبيس، بعرفاته، ومزدلفته، ومُناه، بزمزمه المباركة التي تفجرتْ في لحظات حالكات عاشتها أمُّنا (هاجر) رضي الله عنها تركض بين الصفا والمروة مُصْعدةً منحدرة تبحث عن ثُقْبِ أملٍ في جدار ذلك اليوم الصيفي القائظ المخيف، بزمزمه المباركة التي بددتْ مخاوف الأمِّ الرؤوم، وأذهبت شبح الموت عن ذلك الطفل الصغير الذي كان يحفر بقدميه الصغيرتين في تلك الأرض المباركة قصة الأزلْ، لتبقى شاهداً على عظمة الله سبحانه وتعالى إلى أن يرث الأرض ومن عليها. كانت رسالة أمن هذا الوطن من أُمْلج التاريخ التي علَّمتْ أمواج البحر معنى الهدوء، وضمَّتْ شواطئه النقية الصافية الهادئة منذ آلاف السنين، كانت رسالة أمن الوطن عنواناً اخترته للأمسية الشعرية تعبيراً عن تلاحمنا الكبير ديناً وأرضاً وتاريخاً عريقاً، ورعيَّة وشعباً، وتوكيداً لمعاني الوحدة الراسخة المنبثقة من راية ترفرف حاملة كلمة التوحيد الخالدة (لا إله إلا الله، محمد رسول الله). وكان الشعر في (أملج) مبتهدجاً الابتهاج كًله، لأنَّ الجمهور كان متفاعلاً التفاعل كُله، متذوقاً التذوُّق كله، ولأن أمواج البحر الهامسة كانت تختلط مع حفيف سعف النخيل الذي عقدتْ بواسقُه حِلْفاً قديماً مع البحر، فهي تنبت على رمال شواطئه في صورة بديعةٍ تجمع بين النخل والبحر جَمعا يندُر أن تشهده شواطئ البحار، أقول: كانت همسات الأمواج تختلط مع حفيف النخل، ليبتهج بها قلب الشعر، وقلب قائله ومُلقيه، وقلوب مستمعيه ومتذوقيه. كانت الأمسية نشاطاً من مناشط المهرجان الكبير الذي أقامه المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد بإشراف وزارة الشؤون الإسلامية تحت عنوان (أخلاقي حياتي) وهو مهرجان متعدِّد الجوانب، متميز الإعداد يخاطب سكان أملج وما حولها من كبارٍ وصغار ملبياً ما يحتاج إليه هذا التنوع في الجمهور، فمن محاضرة، إلى أمسية شعرية، إلى حفلاتٍ إنشادية، إلى مسابقات وجوائز، إلى دوري رياضي سيكون ختامه فوزاً بكأس (الأخلاق) إلى برامج للأطفال رأيتهم مبتهجين بها، فرحين بما فيها من المرح الموجَّه، وبما يحيط بها من حنان المربين والمربيات. مهرجان خطط له ونفَّذه مجموعة من رجال أملج ونسائها الفضلاء والفُضليات، وفي مقدمتهم الأخ الكريم الشيخ محمد السيِّد إمام أحد المساجد الكبرى في أملج. (أخلاقي حياتي) موضوع مهم في هذه المرحلة من حياة الناس التي تعاني من (أزمة أخلاق) نلمسها جميعاً، وإنما الأمم الأخلاق -كما نعلم- ورسولنا صلى الله عليه وسلم بُعث متمماً لمكارم الأخلاق وصالحها فما أجمله من موضوع، وما أعظمها من رسالة.بين زيارتي السابقة لأملج التي تبعد عن ينبع حوالي مائتي كيلومتر، وتجاور (الحوراء) المذكورة في كتب التاريخ والسيرة النبوية، وتشكِّل قبيلة (جهينة) قاعدتها السكانية العريضة مع عدد من قبائل أخرى، أقول: بين تلك الزيارة السابقة قبل ثماني سنوات وهذه الزيارة مساحة كبيرة من التطور العمراني، والتعليمي، والخدمات المختلفة، لاسيما الطرق المزدوجة، ولكم سرَّني هذا التطور الواضح الذي نرجو له أن يستمر ويزداد في أملج وغيرها من أجزاء بلادنا الغالية. إشارة : هنا (أُمُّ لُجٍّ، أو إذا شِئْتَ أُمْلُجُ بأشواقها رَمْلُ الشواطئ يَلْهَجُ