اتفق علماء الإسلام على وجوب وفرضية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإن اختلفوا في كونه فرض كفاية أو فرض عين، ومن الأدلة على الوجوب قول الله سبحانه وتعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}، وبالنظر إلى الأنظمة والقوانين العالمية نجد أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مطبق كمبدأ عام معمول به، ومن تطبيقاته: حظر الرشوة وخيانة الأمانة والتزوير والمخدرات والعقوبة عليها، إلا أن كثيرا من هذه القوانين قصُرت عن إظهار تطبيقات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بشكل متكامل، فأصبحت تطبيقات هذا المبدأ لديهم معيبة وناقصة، فعندما حظروا الاغتصاب والتحرش أباحوا الدعارة، مع أن النتيجة واحدة، وهي: إهانة المرأة، ولا يقبل التفريق في الحكم بين الخطأين بحجة الرضا، لأن الرضا لا يؤثر في الحكم هنا لإفضاء الكل إلى نتيجة واحدة وهي: إهانة المرأة ووقوع الضرر الجسدي من إصابات وأمراض. وبالنظر إلى الأنظمة السعودية نجد أن المنظم حرص على تطبيق شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عن طريق إقامة جهاز حكومي له نظامه المستقل يقوم على تنظيم هذه الشعيرة وتطبيقها، وبحسب المادة السادسة والعشرين من نظام الإجراءات الجزائية فإن رجال هذا الجهاز هم من رجال الضبط الجنائي. ونتيجة لما سبق فإن إقامة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يمكن الاختلاف حولها، وذلك لإقرارها شرعاً – وهذا الأهم- ولإقرارها من قبل المنظم السعودي، وبالتالي فإن الحديث حول إلغاء جهاز الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو التقليل من أهميته يعد تصرفا خاطئا وفادحا واستهتارا برؤية المنظم وحكمته. وما يحصل من أخطاء منسوبيه فهي أخطاء لها نظير وشبيه عند غيرهم من رجال الضبط الجنائي كالشرطة والمرور وغيرهم، فلا حاجة لاستغفال الناس وتصوير أخطاء هذا الجهاز بشكل مبالغ فيه للوصول إلى إلغاء هذا الجهاز الحكومي أو تضييع هويته الدعوية. وأختم حديثي بالقول: نُقل عن الأستاذ عبدالله الجاسر وكيل وزارة الثقافة والإعلام قوله: (إن بعض الصحف قد ساهمت في ترسيخ بعض الصور النمطية السلبية عن الهيئة، وهي وإن كانت انعكاساً لبعض الممارسات الخاطئة إلا أنها ضخمت وأثرت بشكل يتنافى مع أخلاقيات العمل الإعلامي).