يفاجئنا السياسيون الأمريكيون كل بضعة أشهر بأزمة مفتعلة داخل مجلس الشيوخ أو الكونجرس تتعلق بالسعودية، حيث يتم تسليط الضوء عليها إعلاميا لفترة وتأخذ حيزا كبيرا من تغطية وكالات الأنباء والصحف العالمية خاصة أن هناك كثيرون يسعون لتشويه صورة الرياض داخل وخارج الولاياتالمتحدة. وكان العام الماضي شهد على سبيل المثال ضجة كبرى تمثلت في تمرير الكونجرس ومجلس الشيوخ الأمريكيين بالأغلبية المطلقة لقانون "العدالة ضد رعاة الإرهاب" المعروف باسم "جاستا" ثم تصديهما للفيتو الرئاسي من قبل الرئيس السابق "باراك أوباما" الذي حاول وقف هذا القانون الذي يسعى مؤيدوه للحصول على تعويضات من السعودية بزعم تورطها في هجمات 11 سبتمبر 2001م التي تعرضت لها الولاياتالمتحدة. وشهد العام الماضي محاولة من قبل السيناتور "راند بول" و"كريس ميرفي" لعرقلة بيع دبابات أمريكية للمملكة إلا أن مشروع القرار لم يحظ سوى بتأييد 27 سيناتور من بين أعضاء المجلس وعددهم 100 سيناتور. كما شهدت الأيام الماضية محاولة جديدة من قبل "بول" وميرفي" لوقف مبيعات ذخائر توجيه دقيقة للصواريخ التي وافق الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" على بيعها في إطار صفقة تصل قيمتها إلى نحو 110 مليارات دولار مع المملكة، إلا أن المحاولة الجديدة فشلت حيث لم يحظ مشروع القرار سوى على تأييد 47 سيناتور ومعارضة 53 آخرين مما يعني مضي الصفقة قدما في طريقها. لكن تلك التحركات من قبل السياسيين الأمريكيين يكون لها أثر سلبي سواء من خلال إعطاء الفرصة لتشويه صورة المملكة لدى الرأي العام العالمي أو من خلال استنزاف أموال الرياض في الإنفاق على جماعات الضغط من أجل التصدي لمثل هذه التحركات، أو أن هذه التحركات من شأنها في النهاية أن تقوي أيدي إيران. ووفقا لتقرير أوردته شبكة "سي إن إن" الأمريكية قبل أيام، فإن السعودية تعتمد منذ فترة طويلة على أسطول من جماعات الضغط في واشنطن وتدفع ملايين الدولارات سنويا في هذا الشأن وتحتفظ بعدد أكبر من عقود الضغط التي تصل إلى 28 عقدا عن أي دولة أخرى في العالم باستثناء اليابان التي لديها 47 عقدا. وكشفت صحيفة "واشنطن تايمز" الأمريكية في تعليق لها على فشل محاولة وقف مبيعات الذخائر للمملكة، عن أن تلك المحاولة وعلى الرغم من أن الواقفون خلفها زعموا أنهم يريدون إرسال رسالة للحكومة السعودية من خلالها، إلا أنها كشفت عن شكل الصراع الداخلي بين الجمهوريين والديمقراطيين، فكثير من الديمقراطيين الذي صوتوا العام الماضي لتأييد صفقة مبيعات دبابات تفاوض بشأنها الرئيس السابق "باراك أوباما" هم أنفسهم الذين صوتوا ضد اتفاق "ترامب" لبيع ذخائر توجيه للصواريخ إلى المملكة. ولاحظت الصحيفة أن كبار أعضاء مجلس الشيوخ من الجمهوريين حثوا زملائهم على رفض وقف بيع الأسلحة للمملكة، حيث رأوا أن المملكة حليف إقليمي ملتزم ومعاقبتها سيصب فقط في صالح إيران، واعتبروا أن الجادين في الوقوف ضد إيران عليهم أن يقفوا بجانب السعودية، ومن بين هؤلاء السيناتور "ليندسي جراهام". ولفت موقع "ديفينس نيوز" الأمريكي إلى موقف مؤيدي المبيعات ومعظمهم من الجمهوريين، حيث رأوا أن معارضي الصفقة، في سعيهم لتسجيل نقاط سياسية ضد "ترامب" سيقوون أيدي إيران.