على مدار مقالين سابقين، الأول باسم "صنيع الحصان"، والثاني بعنوان "خارطة حل الأزمات الشخصية" تحدثنا عن العوائق والمشكلات التي تفاجئنا في مسيرة حياتنا، وكيف يمكن التعامل معها بحصافة ورؤية وبصيرة. وسُقنا 4 ركائز من تلكم الخريطة المشار إليها آنفاً، وفي مقالنا هذا نتحدث عن بقية عناصر خارطة حل الأزمات الشخصية، ونذكر 4 قواعد ذهبية أخرى لحل مشكلاتنا الشخصية. 5 التفاؤل بالقدرة على حل المشكلة الخطوة الأولى نحو الحل.. واليأس والعجز الطريق المختصر للهروب منه، فحين نقرر حتى ولو على المستوى النفسي أن ما نواجهه مستحيلاً وعصياً على الحل يصبح من الصعب تخطي المشكلة، لذا علينا أن نقضي أولاً على الذات المتساهلة التي تستصعب كل مشكلة وتراها غير قابلة للحل حتى قبل أن تفكر فيها ولو لبرهة واحدة. مشاكلنا إذن قد نستطيع أن نهزمها بابتسامة الثقة والنظرة المتفائلة التي تضيف مزيداً من القوة النفسية التي هي من أهم العوامل المؤثرة في التعاطي مع المشاكل وحلها. ولعلك تتأمل معي هذا التوجيه:" يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ الله" (يوسف:87)، يقول الطبري في جامع البيان في تأويل القرآن:"ولا تقنطوا من أن يروِّح الله عنا ما نحن فيه من الحزن على يوسف وأخيه بفرَجٍ من عنده". 6 لا تترك نفسك فريسة المشكلة أو الأزمة التي تمر بها، ولكن من حسن التعاطي معها أن تعرضها وتناقشها مع من تثق فيه من أهل العلم والرأي الذين تظن أنهم يحسنون صنعاً وهم كذلك على دراية بك من نواحي شتى، خاصة ما يتعلق منها بالمشكلة. ولا تتكبر على الاستشارة فربما يكون مفتاحها وهبه الله إلى غيرك، ووهبك مفاتيح أخرى لحل مشاكل الآخرين.. فقد استشار الكريم صلى الله عليه وسلم زوجاته فكانت خير مشاورة من أم سلمة رضي الله عنها.. واستشار أصحابه في حادثة الإفك وغيرها من المنازل فكانوا خير الصحب…وقديماً قالوا من شاور الرجال فكأنما استعار منهم عقولهم. 7 كتب أبو بكرة نفيع بن الحارث إلى ابنه، وكان بسجستان، بأن لا تقضي بين اثنين وأنت غضبان، فإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:"لا يقضين حَكم بين اثنين وهو غضبان".. وهذه القاعدة الذهبية أولى بها ذلك الذي يختار لنفسه حلاً لمشكلته.. فقد يذهب في ثورة الغضب إلى خيار يوقعه في حبال عشرات من المشاكل والعثرات الأخرى، بيد أنه لو تمهل واختار التوقيت المهيأ والمناسب لنجا بنفسه. فحين يكون المزاج جيداً، والأوضاع النفسية طيبة تشعر بأن أكبر مشكلاتك يسيرة قريبة الحل.. وحين تكون الأخرى، تبدو لك الحياة عبئا ثقيلا لا طاقة لك على احتماله، وتخيل إليك المشكلة كأنها جبل على عاتقك القي ولا طاقة لك به.. في حين أن المشكلات التي تعاني منها لم تتغير، ولكن علاقتك بها هي التي تغيرت حسب أوضاعك النفسية والمزاجية. فاختر لنفسك الوقت الذي تحكم فيه على نفسك.. 8 كخطوة عملية أخيرة في خريطة مواجهة مشاكلنا الحياتية واليومية، نرى أنه لابد من المبادرة بوضع إطار زمني للحل بحيث لا تتداعي ويطول مكثها وبقاؤها فتضيف آثار سلبية على نواحٍ أخرى. فقد تعاني من مشكلة في الأسنان وتخشى الذهاب إلى الطبيب نتيجة تجارب مؤلمة سابقة، فتهمل حل المشكلة ويكون لها تداعياتها الأخرى على حالتك الصحية بالعموم.. وهنا لابد أن تتدخل فوراً لحل المشكلة فتختار طبيباً مغايراً وتضع لنفسك فترة زمنية لا تزيد على 6 أشهر أو حسب ما تقدر أنت حالتك بحيث تنهي هذا المشكلة من حياتك تماماً. وغير ذلك من مشاكلك المهنية مثلاً والتي قد تعود إلى بطئ حركتك في تنمية مواهبك، أو تأخرك في الحصول على شهادات علمية تعزز تقدمك الوظيفي.. فتحتاج هذه منك أن تضع حالاً برنامجاً زمنياً مقبولاً لإنجازها.