ضعف التنسيق مع الجهات الحكومية لأن المرور مغرم بالحلول السحرية التي تطبق اليوم وتظهر نتائجها في الغد، أو هكذا يتوهم قيادات المرور.. أسميت هذه السلسلة ب"الحلول السحرية" لعلهم يطبقوها بنفس حماسهم في تطبيق "ساهر". بسم الله نبدأ.. ربما تكون أحد أهم أسباب فشل المرور في تقليل الحوادث المرورية هو الضعف الواضح في التنسيق مع الجهات الحكومية الأخرى. لاحظوا أني قلت ضعفاً وليس انعداماً. تنسيق المرور مع الجهات الحكومية لا يتجاوز وزارة النقل والبلديات لتعديل بعض الطرق، وفي الغالب هذا التعديل لتقليل الحوادث يأتي على حساب انسياب الحركة المرورية. أما الجهات الأخرى فالتنسيق معها قليل جداً ونادر، وأستطيع التأكيد أن سببه المرور وليس تلك الجهات الحكومية. المشكلة أن المرور لا يملك الخلفية الهندسية لكي يطالب بما هو أبعد وأهم من مجرد إغلاق تقاطع أو استبدال دوار بإشارة. مثلاً كان بإمكان المرور أن يطلب من هيئة المواصفات ووزارة التجارة تحديد حد أعلى للسرعة لكل نوع من السيارات، فليس منطقياً أن تصل سرعة سيارة صغيرة إلى 200 كلم/ساعة وهي قد تتمزق إلى قِطَع لو وقع لها حادث على سرعة 80! ألم يسأل المرور نفسه ما الفائدة من استيراد سيارة تصل إلى هذه السرعة وهو يمنع القيادة لأكثر من 120؟! ليست المشكلة فقط في اقتراح المواصفات بل تطور الوضع المأساوي في المرور إلى تجاهل تطبيق مواصفات الأمان التي تفرضها هيئة المواصفات! عملت شخصياً مع هيئة المواصفة لثلاث سنوات من أجل فرض صدامات قوية ومنخفضة للشاحنات تمنع دخول المركبات أسفلها، وقامت وزارةُ التجارة بمنع استيراد الشاحنات التي تخالف هذه المواصفات ووجَّهت المصنِّعين المحليين إلى الالتزام بها، ولكن المرور تجاهل هذا كله ورضي أن يترك المواطنَ يموت محشوراً بين عجلات الشاحنات ولتهلك عوائل كاملة؛ لأن المرور يصعب عليه التفاعل مع التطور السريع للإدارات الحكومية! لا أعلم كم نحتاج من ضحية حتى يستيقظ المرورُ من غيبوبته ويبدأ بالتفاعلَ معنا!! دمتم في رعاية الله.. م. علي أحمد الحميد استشاري السلامة والصحة المهنية Alialhumaid@