تردني – كمستشارة أسرية – الكثير من الشكاوى النسائية حول سلبية الزوج، وعدم قيامه بدوره المطلوب في الأسرة نحو البيت واحتياجاته، ونحو الأولاد وتربيتهم، بل وعلاوة على ذلك إلقاؤه اللوم والتأنيب على زوجته عند وجود خلل أو نقص فيما هو من مسؤولياته أصلا. ومن خلال استقرائي لتلك الحالات، وجدتُ أن غالب النساء اللواتي يشتكين من ذلك هنّ من النساء ذوات الشخصيات القيادية، والتي يُعتمد عليها، وغالبا ما تكون في بداية حياتها الزوجية قد بادرت راغبةً بالاضطلاع ببعض مسؤوليات الأسرة التي هي من واجبات الزوج أصلا، إما تعاطفا معه وتقديرًا له، أو أنها اعتادت ذلك في بيت أهلها، أو لأنها من النوع الذي "ما يصبر" كما يقولون، تفعل ذلك تطوعا وعن رضا في البداية، ثم مع مرور السنوات، وتوسع حجم الأسرة، وزيادة المسؤوليات، تكتشف أنها تورطت. كما أن الكثير من الأزواج عندما يثق في عقل زوجته وحكمتها وحسن تدبيرها فإنه "يسعده" أن تحمل عنه بعض أو "معظم" مسؤولياته، وتزيح عن كاهله بعض واجباته، خاصة إن كان الرجل كثير المشاغل، أو متعدد الصداقات والدوريات، أو من النوع السلبي في بيت العائلة قبل زواجه، والأكثر من ذلك أن بعضهم ينسى – مع مرور الوقت- أن هذه الأمور واجبات! ويصدِّق أنها واجبات زوجته، فيلومها ويحاسبها على تقصيرها في واجباته..!! ولا شك أن المرأة هي ريحانة البيت، وقلبه النابض، كأم أو بنت أو أخت أو وزوجة، والنجاح الحقيقي للمرأة في بيتها وليس خارجه، وهذه الحقيقة تفهمها وتدركها وتشعر بها كل امرأة ولو قالت بلسانها غير ذلك، ولسنا هنا ندعو المرأة لتكون سلبية في بيتها، أو ترفض مشاركة زوجها بعض مسؤولياته أحيانا، ولكن هذا لا يتعارض مع سعيها في تصحيح هذا الوضع الخاطئ، وإعادة الزوج لدوره المطلوب نحو الأسرة والأبناء، من خلال الوسائل الصحيحة التي لا تزيد الشرخ ولا تؤدي لتفاقم الخلاف. ومن تلك الوسائل "الحوار" وليس الصدام، وليس العتب واللوم، ولا الشجار. الحوار الذي تبين له من خلاله مدى حاجة المنزل له، وأهمية دوره في رعاية أبنائه وبناته، وأهمية قربه منهم، وخطورة ابتعاده النفسي والجسدي عنهم خاصة كلما كبروا، ومدى حاجتها هي نفسيا وماديا لوجوده ومساندته، باعتبار كل منهما مكمل للآخر لا يستغني عنه. إن النجاح يكمن هنا في مقدرة الزوجة على إقناع زوجها أنها لا تقصد التخلي عن مسؤولياتها، أو تحميله إياها، بل تريد أن تتقاسم معه النجاحات والإنجازات في المنزل من خلال قيام كل واحد منها بدوره، باعتبار أن أدوارهما متكاملة وليست مستقلة. إن قيام الزوج بدوره في أسرته – بدأً بأبسط الأمور كإصلاح مصباح أو شراء غذاء ودواء، وانتهاء بصناعة إنسان الغد- لا يعني ضعفه، ولا نقصا في زوجته، ولا ضياع وقته، بل يعني كمال وعيه، ونبل شخصيته، وصحة اقتدائه برسوله وقدوته محمد صلى الله عليه وسلم، وهي دعوة لكل رجل أن يلتفتَ يمينه، فهناك من يحتاجُه.!