أدهشت حشرة "الذبابة" علماء الأحياء في جامعة واشنطن، بعد رصدهم – في دراسة حديثة – لردود أفعالها، التي تفوقت بها على أحدث الطائرات الحربية المقاتلة. واستعان علماء بكاميرات فيديو لرصد المناورات الجوية التي تقوم بها "ذبابة الفاكهة"، ليجدوا أنها تلجأ لحركات خاطفة مثيرة مراوغة في الهواء تفاديا لأي كائنات مفترسة تتربص بها، مثلما تفعل تماما المقاتلات العسكرية للتخفي عن العدو. وتسجل الدراسة التي نشرت، الخميس، في دورية "ساينس" مدى رشاقة ذبابة الفاكهة في الجو، أثناء قدرتها على تغيير مسارها بسرعة مذهلة في زمن يقل عن جزء من مئة جزء من الثانية الواحدة. واستخدم الباحثون في جامعة واشنطن ثلاثة كاميرات متطورة تعمل في آن واحد وتسجل كل منها 7500 لقطة في الثانية الواحدة، لفك لغز القدرة الفائقة للحشرة الصغيرة على المراوغة والمناورة. وسجل الباحثون حركات الجناح والجسم في الجو لذبابة الفاكهة من نوع "دروسوفيلا هايداي" داخل غرفة أسطوانية مخصصة لطيرانها، بعد أن عرضت على الحشرة صورة تمثل كائنا مفترسا يدنو منها. وأبدت الحشرة ردود فعل مثيرة خلال محاولتها الهرب من العدو، إذ ما لبثت أن دارت بجسمها على الفور مثلها مثل المقاتلة العسكرية، وعادت أدراجها وهي تفر من عدوها. وأثناء دوران الحشرة، وهي في حجم حبة السمسم، أظهرت قدرتها على الدوران الجانبي بواقع 90 درجة، ولجأت أحيانا إلى أن تقلب جسمها رأسا على عقب. وقال أستاذ الأحياء في جامعة واشنطن، مايكل ديكنسون، الذي أشرف على الدراسة "إنها تقوم بالدوران إلى الجانبين، مثلما يفعل أي طيار مقاتل مع قلب الجسم، ثم سرعان ما تستجمع قواها هربا من الخطر الداهم". وأضاف "حدث هذا في غمضة عين، وتستتبعه تغيرات متقنة للغاية في حركة الجناحين. وقد استبدت بنا الدهشة من قدرتها على توظيف حركة أجنحتها الصغيرة لتنفيذ هذه المناورات البالغة الدقة." وقالت فلوريان مويريس، المشاركة في البحث، في بيان، إن ذبابة الفاكهة ترفرف بجناحيها نحو 200 مرة في الثانية الواحدة، وفي كل ضربة من أي جناح يمكنها إعادة توجيه جسمها وهي تناور وتتجنب الخطر فيما تتسارع حركتها. واستلزم الأمر كما كبيرا من الإضاءة لتشغيل الكاميرات بسرعاتها العالية، لكن نظرا لأن الذبابة قد تصاب بالعمى لو استخدم هذا الكم من الضوء، استعان الباحثون بالأشعة تحت الحمراء التي لا تراها الذبابة. وقال ديكنسون "كنت مفتونا دوما بالذباب، يتصور الجميع أن لها مجرد جهاز عصبي بسيط، لكنني أتخيل العكس تماما، لدى الذباب جهاز عصبي دقيق حقا، ويعمل بدرجة تقترب من الكمال على نحو لا يمكن تصديقه".