قبل عدة أيام كنت في اجتماع عائلي فمررتُ بجانب طفلتين تتشاجران، الكبرى تضرب الصغرى وتردد الله أكبر ، والصغرى ترد اتركيني يا داعشية ، موقف عابر أذهلني وأنا أتأمله ، وتساؤلات عصفت بي، هل كان الضرب بالإضافة لعبارة الله أكبر هي المعادلة التي نتج عنها وصف داعش في ذهن الصغيرة ؟ هل تمكنت داعش من تغيير مفهوم الله أكبر السامي الذي يأخذ بلب كل مسلم وقلبه إلى أن أصبح مرادفا للعنف ؟ هل وهل وهل .. الله أكبر رددها رسول حينما حطم أصنام قريش ، رفعاً راية التوحيد ، ومعلناً بداية عهدٍ جديد ، عهد لا أعظم فيه ولا أسمى من الله .. الله وحده ..فالله أكبر من كل شيء في الوجود، والله أكبر من كل ما يخطر عنه في البال، والله أكبر من أن يتصوره الخيال .. أما يقوم بها داعش من استغلال لعبارة الله أكبر في ترويع الأبرياء وسفك الدماء وتدمير المنشآت فهو نشر لمفاهيم مغلوطة ينتج عنها تشويه ممنهج للإسلام يُعاضده في ذلك (بعض) وسائل الإعلام المحسوبة على بلاد المسلمين . نسي العالم أو تناسى القيم النبيلة والأخلاق الإسلامية والفضائل الربانية التي جاء بها الإسلام مع لحظة ترديد الرسول ل (الله أكبر) . فشتان ما بين الإسلام الحق الذي فتح أصقاعاً من المعمورة حاملاً السيف في يد وفي اليد الأخرى العدل والمساوة والتسامح والرحمة لا يقتل شيخاً ولا امرأةً ولا طفلاً ولا يهدم صومعةً ولا كنيسةً ولا يقلع شجراً ولا ثمراً. وما بين الإسلام المدعشن الذي لا يراعي حرمة قريب أو بعيد ، ولا صغير أو كبير ، ولا محارب أو مسالم ، ولا مسجد ولا كنيسة . وشتان ما بين الإسلام الحق الذي دخلت فيه ممالك وشعوب بلا جيش ولا عسكر إنما دخلوا فيه حباً وشغفاً لدينٍ يحمل أهله أسمى القيم وأرفع الأخلاق صدقاً وأمانةً ووفاءً بالعهود وما بين الإسلام المدعشن الذي توشح بأقبح الأفعال وأخزى الخصال غدراً وخيانةً وظلماً . وشتان ما بين الإسلام الحق الرؤوف الرحوم الذي يوصي بالوالدين إحساناً وبكل ذي رحم وسابع جار وما بين الإسلام المدعشن الذي يضحي بالأم قبل الأب والخال قبل العم ضارباً أشنع صفات التنكر للقرابة والرحم والبغي والعدوان . وشتان ما بين الإسلام الحق الذي يأمر بلزوم الجماعة وطاعة ولي الأمر في الشدة والرخاء وتوحيد الكلمة والصف ضد الأعداء ، وما بين الإسلام المدعشن الذي يفرق ولا يجمع ويتطاول على العلماء الأجلاء وعلى أولى الأمر ممن ملكهم الله . الله أكبر تمثل الإسلام الحق الظاهر البين لكل ذي عقل حصيف ولب سليم ، وقيمه وفضائله خير برهان وأقوى دليل . فالأخلاق الإسلامية السامية ، والقيم النبيلة الطاهرة لن تموت ولن تندثر مهما شوهت وقذفت بأشنع التهم مادام القرآن يُتلى ويحفظ في الصدور والسنة النبوية تطبق وتكتب في السطور ..