انطلق ملتقى المرأة السعودية مالها وما عليها من مركز باحثات ليمثل الصوت الحقيقي للمرأة السعودية، يناقش قضاياها ويلامس احتياجها، ويشارك في حلول مشكلاتها. ومن اللافت للنظر الحضور الكبير للمرأة من مختلف المناطق، وتنوع التخصصات: أكاديميات وداعيات وتربويات وإعلاميات ومثقفات، وألقيت فيه أوراق عمل موفقة وتخللته تعليقات ومداخلات مسددة. ومما يميز الملتقى الرعاية الكريمة من صاحبة السمو الملكي الأميرة صيتة بنت عبدالله بن عبدالعزيز، حفظها الله، وهذا دليل اهتمام بمثل هذه الملتقيات المباركة التي تنطلق من دستور هذا البلاد، والتي تؤكد على أهمية حقوق المرأة وتمكينها من مطالبها المشروعة والمنضبطة بقيم ومنهج المملكة الشرعي. كما حظي الملتقى بدعم وزارة العمل حيث حضر المستشار لدى وزارة العمل الجلسة الافتتاحية ورحب بتبني توصياته ومبادراته. وجاء الملتقى ملبيا لحاجات المرأة السعودية في أطروحاته، مناقشا لمعوقات عملها، ومؤكدا على أهمية دورها في المشاركة المجتمعية ضمن ضوابط ولوائح تحفظ حقها وتسهل عملها. ولم يغفل الملتقى عمل المرأة من منزلها، وأهمية تبني مشاريع تنموية عن بعد، تحقق الكفاية المادية للمرأة وتسهل تواصلها مع المجتمع لتسويق مشاريعها. وقد أبدعت المرأة في ملتقى المرأة، تنظيما وإدارة وإشرافا، وتميزت بطرح مبادرات فاعلة ورؤى إستراتيجية مباركة. وشارك في الملتقى نخبة من العلماء والدعاة والباحثين والمربين، في جو من الخصوصية واحترام الفكر والرأي، حيث شارك فيه رجال أفاضل ونسوة فضليات، بعيدا عن الاختلاط المشين والتبرج السافر والصور المبتذلة. وفي الختام خرج الملتقى بتوصيات سديدة، وهي: 1-نشر المفهوم الشرعي حول عمل المرأة وتصحيح المفاهيم المغلوطة حول عمل المرأة في الاتفاقات الدولية. 2- إنشاء هيئة وطنية تعني بحقوق وواجبات المرأة العاملة ومراجعة الأنظمة وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية وتمثيل المرأة أمام الجهات المختصة. 3- إعداد عقود عمل موحدة وملزمة تشمل جميع مجالات عمل المرأة تتضمن حقوقها واجباتها وتوفر لها بيئة عمل آمنة. 4- تشكيل لجنة عليا ممثلة للجهات ذات العلاقة لحل مشكلات المعلمات اللاتي يعملن خارج مقر إقامتهن. 5- مراجعة نظامي التقاعد والتأمينات الاجتماعية وتعديلهما وفقا لمصلحة المرأة كتخفيض سن التقاعد وحفظ الورثة في الراتب التقاعدي. 6- إعطاء الأولوية في فرص التوظيف للنساء المحتاجات. 7- توعية المرأة العاملة بواجباتها وحقوقها وآلية المطالبة بها من خلال وسائل الإعلام والملتقيات والمناهج وغيرها. 8- وضع معايير لبيئات العمل الآمنة للمرأة، تلتزم بها الجهات الحكومية والأهلية. 9- سن الأنظمة والتشريعات التي تجرم من يستغل أو يضر بالمرأة العاملة. 10- تحقيق المطالب المجتمعية الملحة لإنشاء مشاريع عمل آمنة للمرأة، كالمستشفيات والأسواق وغيرها. 11- تبني الجهات الحكومية والأهلية لنظام يؤسس ويدعم عمل المرأة عن بعد. 12- تقديم برامج لتثقيف المرأة بمزايا العمل عن بعد والفرص المتاحة لها وتطوير مهاراتها في ذلك. 13- الاعتراف بعمل المرأة داخل أسرتها ووضع الحوافز المادية والمعنوية لها باعتبار ذلك عملا وطنيا وتنمويا. 14- تقديم البرامج والدورات لربات البيوت لتزويدهن بالمعارف والمهارات اللازمة لتحقيق الاستقرار الأسري. 15- قيام أولياء أمور النساء بواجب النفقة على مولياتهم. 16- توعية المرأة لترشيد النمط الاستهلاكي لديها مما ينعكس إيجابا على الحالة المادية للأسر. 17 – إنشاء مراكز بحثية متخصصة تعني بقضايا المرأة العاملة بهدف إجراء الدراسات والاستطلاعات وتزويد أصحاب القرار بالمعلومات اللازمة. وبرغم النجاح الذي حققه الملتقى، والمكاسب التي خرج بها، انبرى الحاقدون والحاسدون والمعادون للفضيلة والعفة، والمنادون بحرية الوصول للمرأة، يشككون في حضور المرأة، ويغيبونها وهي حاضرة فاعلة، حيث أغاظهم انفصال الرجال عن النساء، وحجب صورة المرأة لا فكرها وعقلها، وأغاظهم التزام هؤلاء النسوة بقوله تعالى (وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن) فتتابعت المقالات من مراهقي الكتبة والكاتبات يجرحن ويتهمن ويصنفن، ويصفن الأكاديميات المشاركات في الملتقى بالجواري وتابعي الذكور والحريم وغيرها من الصفات السوقية والألفاظ غير اللائقة بمثقف أو كاتب متزن. وللأسف صدور مثل هذه الأوصاف ممن يدعي الثقافة ويطالب بتمكين المرأة وينادي بحريتها وحقوقها، ثم تجده يظلم ويتعدى ويسفه، وليتهم حضروا وعاينوا وشاركوا وحاوروا وداخلوا بموضوعية وإنصاف، ولكن للأسف ضيق الأفق ونظرة الدون للمخالف، فأي حرية مزعومة يتشدقون بها. وبرغم النقد والتهم والتجريح والتشكيك فإنا متفائلون بالنجاح، وماضون في طريق الفلاح، وواثقون بنصر العلي الفتاح، ومؤمنون بأن العاقبة للمتقين. فإلى الأمام باحثات الخير… وإلى أعلى المراقي والدرجات. وسيبقى ملتقى المرأة السعودية متألقا بأطروحاته ومتميزا بمبادراته وفاعلا بملتقياته. جزى الله القائمين على الملتقى خيرا، وأثابهم على جهودهم المباركة جنات النعيم، ووفقهم لما فيه صلاح الأمة.
د. أميرة بنت علي الصاعدي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى المشرفة العامة على مركز إسعاد النسائي