منذُ انتشار الأجهزة الذكية وبرامج التواصل الاجتماعي التي تعتمد كثيراً على الكتابة، أضحى الكثير من مستخدميها يحرصون على دقة كتاباتهم لمفردات الجمل من حيث الوضوح والبعد عن الأخطاء الإملائية تحاشياً للإحراج أو التعليقات الساخرة التي يطلقها المتابعون. "تواصل" تحاول سبر أغوار تأثير تلك المواقع علي مسيرة اللغة العربية، حتى إن كثيراً من المختصين باللغة صاروا يرون أن هذه المواقع قامت بالدور الإيجابي من خلال تصحيح مستخدمي هذه الوسائل لأخطاء غيرهم، خصوصاً إذا صاحب ذلك أسلوب راقٍ ومتواضع بعيداً عن التهكم والسخرية. عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبدالعزيز ورئيس النادي الأدبي الثقافي بجدة الدكتور عبدالله عويقل السلمي قال ل"تواصل" إنه "لا شك أن وسائل التواصل الاجتماعي الموجودة الآن بدأت تضخ لنا عيوباً كثيرة على مستوى الإملاء وعلى مستوى النحو وربما أيضاً على مستوى الاختصارات المخلة أحياناً برسم حرف واحد للدلالة على كلمة، وإن كل هذه الإشكالات بدأت تتراكم وبدأت تتصدر بشكل مزعج". وتابع أنه في تصوره أن محاولة اليقظة والوعي التي تشكلت أيضاً من خلال مواقع أخرى أعدت لهذا الشأن ومن خلال محتسبين على مستوى اللغة العربية بدأت تعالج كثيراً من هذه الإشكالات، حيث بدأ المغرد أحياناً والكاتب ل "الواتس اب" مثلا يدرك تماماً أن ثمة أعين تراقبه وتتابعه وتحرص على أن تصوب خطئه، وبدأ هو ذاته يتريث كثيراً في الكتابة ويراجع ما يكتب. أسباب القصور: وأشار إلى أن وجود بعض الأخطاء يعود أسبابها إلى عدة أمور أولها المستوى العام لمرتادي هذه الوسائل لأنهم ليسوا جميعهم على مستوى واحد من المعرفة العلمية والقواعدية والإملائية والأمر الثاني يرى في تصوره أنهم أيضاً في سني أعمار مختلفة فمنهم المعلم ومنهم الأستاذ ومنهم الطالب ومنهم الأمي الذي لا يقرأ إلا لماماً. وتابع: "أيضاً على الجانب الآخر من الأسباب يرى بأن تدخل التقنية ذاتها أحياناً تسابق الكلمة كاتبها فبعض الأجهزة الذكية الآن بمجرد ما يكتب حرفين من الكلمة تقفز كلمة أخرى وقد لا ينتبه إليها كاتبها فتظهر خطأً أو نشازاً أو من غير أن تظهر في صورتها الأعرابية". وأوضح أن هذه هي مجموعة من الأشياء يتوقع أنها تكرس الأخطاء في وسائل التواصل الاجتماعي مطالباً أن الوسائل ينبغي إن توظفت التوظيف الصحيح لصياغة لغوية والرفعة من شأن مرتادي الوسائل ومعرفة مقدرتهم أو الرفع من شأن مقدرتهم اللغوية وأنه سيتحقق هذا بفضل الحراس على اللغة العربية والغيرة عليها الذين لا نعدمهم في كل مكان. السياسيون أكثر عرضة: إلى ذلك، قال عضو هيئة التدريس والمشرف العام على إدارة العلاقات العامة والإعلام في جامعة تبوك الدكتور لفاي لافي السلمي إن بعض مواقع التواصل بدأت تعج بالكثير من هذه الأخطاء فالمتابع لبعض التغريدات في تويتر يجد الأخطاء النحوية والإملائية والصرفية، بل إن بعضهم لا يفرق بين همزة الوصل وهمزة القطع، وتجد في معرفه أنه مستشار أو مختص. تحول في مسار اللغة: من جهته بيَّن عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبدالعزير ومعهد اللغة العربية للناطقين بغيرها بجدة الدكتور صالح الحجوري، في حديث ل"تواصل"، أنه في الآونة الأخيرة ومع تزايد وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة شهدت تحولاً كبيراً في اللغة المستعملة للتواصل كتابياً بين مخطئ ومصحح للخطأ وبين من لا يبالي في صحة ما يكتب ومعيب لمن يرتكب الخطأ، فتارة نسعد بالسلامة اللغوية وتارة نغضب لركاكة الأسلوب وخصوصاً عندما يحدث ذلك في وسط المعلمين والأكاديميين والمثقفين ممن هم أولى من غيرهم في تحري الدقة اللغوية. وأردف الحجوري بأنه مهما يكن من سلبيات واضحة في مساهمة هذه الوسائل في ضعف اللغة العربية بسبب مقتضيات العصر مثل السرعة وعدم المراجعة والتدقيق إلا أن لها إيجابيات تتضح عند بعض المتعلمين؛ فقد ساعدتهم على تعلم الكتابة ومعرفة الخطأ وتصحيحه. فقد لوحظ اختلاف بين من يكتب لصديق أو قريب ومن يكتب لأستاذه مثلاً في اختيار المفردات المناسبة والتراكيب المقبولة إلى حد ما. وأفاد الحجوري بالكيفية التي نسهم بها في قوة اللغة العربية من خلال هذه الوسائل، بأن يكون عن طريق الكتابة الصحيحة لغوياً من المرسل أولاً وبيان الخطأ إذا وقع من المستقبل بأسلوب راقٍ ثانياً.