ما فتئ التلفاز يُسرع الخطا ليحلق بالتقنية بل ليكون جزءاً رئيساً فيها. التنافس مع شاشات الحاسب والأجهزة الكفية فضلاً عن الجوال أوحى إلى البعض أن جهاز التلفاز في انحسار بل إلى اندثار وهذا ليس بصحيح! بعد ثورة تقنيات HD عالية الجودة في الصورة دخلت الإنترنت إلى الشاشة، وأصبح التلفاز الذكي SMART TV جزءاً أساسياً من متعة المشاهدة، تواصل مع الآخرين وتفاعل مع البرامج مع مشاهدة ثابتة. جودة الصورة تطورت وأصبحت مذهلة مع نزول 4K UHD كما يطلق عليه، ويمثل مستوى عالياً جداً من النقاوة للشاشة. اليابان لم تدخر وسعاً في ذلك فأنتجت 8Kوهو فائق النقاوة ويعادل 4 أضعاف 4K في عملية تطوير مستمر للشاشة التلفزيونية. رغم أن 3D مثَّل نقلة في تقنية التلفاز وجذب شرائح جديدة وطور من تجربة المشاهدة إلا أن الحاجة للنظارات قللت من الفائدة وحجمت من الانتشار ورغم جهود شركة فيليبس وتجاربها المتميزة في إنتاج تلفاز 3D بدون نظارات إلا أن الجهود لم تكلل بالنجاح المأمول فانحسر الاهتمام العالمي به. التجربة القادمة في المشاهدة مختلفة تماماً حيث يعكف علماء بريطانيون على فكرة ثورية في التلفاز سوف ينسيك تماماً ما تعرفه عن التلفاز الحالي. يملك الإنسان 9 حواس: اللمس والشم والإبصار والسمع والذوق والألم والحرارة والاتزان والإحساس العميق. تخيل أن تشم رائحة الورود إذا ظهرت على الشاشة أو تشعر بحرارة النار إذا شاهدت البركان أو بوخزة إذا تعرضت لمشهد مؤلم! تخيل أنك تشاهد شباباً يمرحون في البرية في أجواء مفعمة بالمتعة وطقساً ربيعياً وتهب عليك نسائم باردة تُشعرك أنك معهم! يهطل المطر على الشاشة وتشعر برطوبة في يديك! إبراز الأحاسيس وربطها بالمشاهد على التلفاز مشروع بحثي عميق يعكف عليه خبراء وعلماء بريطانيون لتطوير تجربة المشاهدة وربطها بالأحاسيس البشرية. لا يكفي أن يستدر الممثل دموعك ولا البطلة أحاسيسك بل أغلب حواسك ستشارك في التجربة البصرية. التلفاز القادم يجمع بين التقنيات المتقدمة والحاسوب، يوظف الموجات فوق الصوتية والمستشعرات كي يوجه السلوك ويسيطر على العواطف. Feelyvision الاسم المقترح للجهاز القادم، الذي سوف يحرك مشاعر الحزن والفرح من خلال عملية التحفيز لأصابع اليد. تخيل وأنت تشاهد برنامج عن الطبخ وعندما يضع الطباخ البهارات تشمها معه، وإن وضَع الفلفل تشعر بلذعة في لسانك! يقول الصحفي ستورات Stuart Heritage من صحيفة الجارديان: حضرت التجربة جلست على الكنبة في مركز أبحاث Sussex University's SenseX project، شممت الرائحة وشعرت بالألم في يدي، انتابني شعورٌ غريب لقد كانت تجربة مذهلة! دفق الرائحة سيكون قريباً من الأنف ليعطيك شعوراً بالانبساط ومتعة في الشم! مركز الأبحاث حريص على تضمين الأحاسيس العميقة والتأثير على المشاهد في جانب الضغوط والارتياح. الشعور مرتبط بالإحساس وهذا ما يعمل عليه الفريق، تحويل الأحاسيس كي تكون أدوات في التأثير بمشاعر الإنسان. هناك فرق هائل بين أن ترى الحريق على الشاشة وأن ترى نفس المشهد مع رائحة الحرق في أنفك! بخلاف الإخفاق في شاشة ثلاثية الأبعاد التي احتاجت إلى أشياء تلبسها فإنه في هذه الحال لن تحمل أشياء على رأسك وأوزان تُثقل رقبتك، سيتم تفعيل التأثير النفسي والمؤثرات المادية عن بُعد دون أن يشعر المشاهد أو تتاح له الفرصة للرفض كما يقول الصحفي ستورات. فريق العمل من تخصصات شتى علم نفس وخبراء فيزياء وعلوم وحاسب وحتى طباخون! كانت هناك تجارب في جزئيات من الفكرة في بعض صالات السينما لكنها لم تعمم ولم تنجح. بالطبع سيكون بإمكان المشاهد التحكم بالعملية، كما يستطيع أن يتحكم بخفض الصوت وتعليته. وجد الباحثون أن تعرَّض بعض الأصابع وأجزاء من الكف له أثر في تحريك المشاعر الحزينة وأن هناك أجزاء من اليد تنقل مشاعر الخوف أو الإثارة! تجربة المشاهدة بناءً على التجربة العملية مشجعة جداً وقد تفتح آفاق للتلفاز وتعيده إلى الصدارة. السؤال المهم: هل يقبل الناس بذلك ويسلموا مشاعرهم وأحاسيسهم لمنتجي البرامج والأفلام؟! هذا ما لا نعلمه.