الطاقم النسائي الطبي يحتاج لكثير من الدراسات التي تعتني بقضاياه الملحة المتعددة والمتجددة، ولكن للأسف لا نجد هذا الاهتمام الفقهي والقضائي والاجتماعي والأسري والوظيفي لهذه الفئة الغالية على قلوبنا، والتي نحتاجها في حياتنا بل جل ما نجده نثر أخبارهن هنا وهناك كأنهن يعشن في سعادة تامة. وسطوري القادمة هي غيض من فيض عن الطاقم الطبي النسائي يتزامن مع القضية التي حدثت من تغريم مالي على ممرضات رفضن العمل في إحدى العيادات الرجالية بأحد المستشفيات، وثبوت بطلان اتهامهن بالتقصير: 1. كلنا نحتاج إلى طاقم نسائي طبي ستراً لنا وحفظاً لخصوصياتنا، ولكن بالمقابل علينا أن نقول: والطاقم الطبي النسائي يحتاج أيضاً ستراً له، وحفظاً لخصوصيته، ومراعاة ذلك في العمل. 2. ما أقيم على الممرضات من عقوبات مالية وتحقيق، والسبب رفضهن العمل في أقسام الرجال بدعوى مخالفتهن للنظام وثبوت بطلان ذلك، نقول بالمقابل: أين تطبيق النظام وإقامة الغرامة والتحقيق في المخالفات اليومية بالمستشفيات من عدم تطبيق الحجاب الشرعي الصحيح؟! فالجميع عند ذهابهم لأي منشأة طبية سيجد الأمر بات مباحاً بل وفي ازدياد مستمر من الطاقم النسائي من بنطلونات ضيقة، جداً، وبلايز قصيرة، ومكياج، وأحياناً يكون المكياج كاملاً، وثَمَّ رموش صناعية، وزينة متعددة في اليدين وكشف للوجه، وإظهار جزء من الشعر، وإطالة الأظافر، والبالطو الطبي القصير المفتوح، بل والقصير جداً. وصار الحجاب الصحيح اختيارياً وليس نظاماً مفروضاً. بل وصل الحال ببعض العاملات في المجال الطبي أن تأتي من بيتها لعملها وهي ترتدي البالطو الطبي قصيراً كان أو طويلاً مع السفور والمظاهر السابقة التي ذكرتها، ونجد في المجمعات الطبية الكبرى وغيرها مقاهي مختلطة بلا فاصل بين الرجال والنساء. 3. ما نلاحظه من اختلاف إقامة النظام الصحي المفروض من الوزارة بين منطقة وأخرى ومن مدير لآخر فمثلاً ما قام به أحد المسؤولين في أحد المستشفيات في بلادنا الغالية من تعميم يقضي بمنع السفور ومعاقبة من تخالف ذلك. أليس واجباً أن يكون عاماً؟ وما تم من تحقيق وحسم على الممرضات والذي ثبت بطلانه. فهل تنفيذ الأنظمة يتم بناء على اجتهادات شخصية أم هو نظام عام صارم مستقى من النظام الأساسي للحكم والذي أول مواده أنه قائم على الكتاب والسنة؟! 4. هل صحيح أن قسم التمريض في الكليات الطبية يكون عدد الخريجات أكثر من عدد الخريجين؟ إن ثبتت صحة ذلك فما هي خطة الوزارة لتلافي ذلك النقص من طاقم رجالي، وليس إجبار الطاقم النسائي على تغطية النقص؟ مثال: قصة حقيقية مضى عليها 5 شهور فقط. امرأة في عملية اليوم الواحد في مدينة طبية حكومية وقت العملية كل الطاقم رجالاً من الجراح والممرضين وفقط ممرضة واحدة، فالسؤال هل فعلاً هناك نقص في تمريض الرجال أم لا يوجد.. أين الحقيقة؟ 1. من خطط إكمال النقص الاستفادة من الكوادر المسلمة في العالم الإسلامي من الرجال الممرضين، وهذا من نظام الجودة المتبع حالياً فحتى كليات الشريعة واللغة العربية والتربية في جامعاتنا باسم الجودة تم التعاقد مع أعضاء هيئة تدريس غير سعوديين من الرجال والنساء، مع الاستغناء التام عن المتعاقدين فخريجو هذه الكليات من حملة الدكتوراه أعدادهم كثيرة جداً سواء من الرجال أو النساء. 2. يجب تصحيح وضع تسرب الممرضين لأعمال إدارية ما دام عددهم غير كافٍ لعملهم الأصلي، كما يجب إحداث توازن بين تكدس أعداد في مناطق وفقر مناطق أخرى؛ بسبب الواسطة في النقل لبعض الكادر الطبي لمدينته أو عند أهله بلا مبرر مقبول بل بسبب الواسطة، وحالياً يوجد قسم الإدارة الطبية فلم لا يكون كافياً في المجال الإداري؟ 3. إغاثة الملهوف والمحتاج أمر تقره شريعتنا سواء في مستشفى، أو في شارع ممن ينتسب للعمل الطبي أو حتى ممن يمتلك معلومات ميسرة في الإسعافات الأولية، أو حتى الإبلاغ للمختصين وهذا ليس ذريعة لإقحام النساء في أقسام الرجال. 4. ليت كل وزارة وجهة تعمل فيها النساء تراعي خصوصيتهن النسائية في كل شيء، ومنها ساعات العمل والبيئة وهذا من العدل؛ لأن المساواة هنا تعني الظلم فكيف نطلب من النساء العمل 12 ساعة متواصلة في المستشفيات ومناوبات مرهقة والنساء تعرض لهن ظروفهن الفطرية المتعددة، والتي تخالف بها الرجال فطرة وعقلاً. ثم بعد هذه الساعات المضنية نتخيل كيف تعود لبيتها وكيف تستطيع أداء حقوق رعيتها وبيتها؟ 5. كما نطالب بحق النساء في المجال الطبي وغيره نطالب بحق الرجال كذلك. فذلك الرجل الآمن في سربه القانع بزوجته وأهله، يجد نفسه وسط النساء العاملات معه في عمله لمدة 8-12 ساعة متواصلة صباحاً وربما مساءً. 6. سيقال أنتم تفكيركم سيئ وغير ذلك من العبارات المتداولة بكثرة، والرد عليهم فطري وعقلي وشرعي، فالميل بين الذكر والأنثى معلوم بالضرورة ويزيد في ظل وجود الاختلاط وعدم الاحتشام والآداب غير المرعية، وانتفاء موانعه ولننظر لحال الدول والمجتمعات التي أباحت الفواحش وقننتها ووضعت نظاماً للتحرش الجنسي وغيره، هل انتهى لديهم الاغتصاب والاختطاف وقتل النساء عامة والخليلات خاصة بل حتى الزوجات؟ وهل انتهى الميل الفطري بين الرجال والنساء؟ ولننظر لإسلامنا الكامل الذي حرم مجرد النظر، وأمرنا بغض البصر من رجال ونساء وغير ذلك من تشريعاته الشاملة الموافقة للجميع؛ لأنها من لدن الخالق العليم الحكيم الخبير سبحانه. وأختم بما قاله العلامة ابن عثيمين – رحمه الله – في تحرير مصطلح المساواة: (وهنا يجب أن نعرف أن من الناس من يستعمل بدل العدل المساواة وهذا خطأ، لا يقال: مساواة؛ لأن المساواة تقتضي عدم التفريق بين الرجل والمرأة، ومن أجل هذه الدعوة الجائرة إلى التسوية صاروا يقولون: أي فرق بين الذكر والأنثى؟ سووا بين الذكور والإناث، حتى أن الشيوعية قالت: أي فرق بين الحاكم والمحكوم؟ لا يمكن أن يكون لأحد سلطة على أحد حتى بين الوالد والولد ليس للوالد سلطة على الولد، وهلمَّ جرّاً. لكن إذا قلنا بالعدل وهو إعطاء كل أحدٍ ما يستحقه: زال هذا المحذور، وصارت العبارة سليمة، ولهذا لم يأتِ في القرآن أبداً: "إن الله يأمر بالتسوية" لكن جاء: {إن الله يأمر بالعدل} [النحل/90]، {وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل} [النساء/58]، وكذب على الإسلام مَن قال: إن دين الإسلام دين المساواة، بل دين الإسلام دين العدل وهو الجمع بين المتساوين والتفريق بين المفترقين. أما أنه دين مساواة فهذه لا يقولها مَن يعرف دين الإسلام، بل الذي يدلك على بطلان هذه القاعدة أن أكثر ما جاء في القرآن هو نفي المساواة: {قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون} [الزمر/9]، {قل هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور} [الرعد/16]، {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا} [الحديد/10]، {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم} [النساء/95]، ولم يأتِ حرف واحد في القرآن يأمر بالمساواة أبداً إنما يأمر بالعدل، وكلمة العدل أيضاً تجدونها مقبولة لدى النفوس، فأنا أشعر أن لي فضلاً على هذا الرجل بالعلم، أو بالمال، أو بالورع، أو ببذل المعروف، ثم لا أرضى بأن يكون مساوياً لي أبداً. كل إنسان يعرف أن هناك غضاضة إذا قلنا بمساواة ذكر بأنثى. شرح العقيدة الواسطية1 / 180-181.)