قال فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور سعود بن إبراهيم الشريم في خطبة الجمعة اليوم بالمسجد الحرام : ( إن العافية قيمة مطلقة لا تقبل التجزئة والنسبية ولذلك يخطئ من يقصرها على عافية البدن فحسب دون عافية الدين فمن اقتصر على طلب العافية في البدن دون الدين فقد أسرف بالصدود وانحاز عن جادة الصواب ومن طلب العافية في الدين دون البدن فقد ظلم نفسه وربما اضعف دينه بضعف عافية بدنه والمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف والسعيد هو من ذل لله وسأل العافية فإنه لا ثوب للعافية على الإطلاق إذ لابد من بلاء ولا يزال العاقل يسال الله العافية ليتغلب على جمهور أحواله ومن عوفي فشكر أحب إلى كل ذي لب من أن يبتلى فيصبر) . وأضاف الدكتور سعود الشريم: يلحظ كل نبيه رامق عين بصيرته اهتمام عموم الناس بعافية البدن إذ يعطون في تحصيل هذه النعمة الوقت والجهد والتفكير والدعاء في حين أنهم يغفلون عن قيمة العافية في الدين وسلامته من الآفات والابتلاءات لان فتن الدين توهن الأفراد الذين هم مجموع المجتمعات ومتى ما فرط المرء في تحصيل العافية في دينه فقد أذن نفسه بهلاك ويشتد الهلاك والخسران حينما يجاهر المرء بما بلي به من معصية ربه فيستره الله ثم هو يفضح نفسه ، نقصان العافية في الدين تكون بالانحراف عن شرعة الله إما بطغيان شهوة بهيمية ترد صاحبها إلى حضيض أوهد يعب فيه من الشهوات كما الهيم أو بطغيان شبهة في الدين تنحرف بصاحبها إلى مصاف الذين يقعدون بكل صراط يوعدون ويصدون عن سبيل الله من أن يبغونها عوجا. وقال: إن من أعظم فقدان العافية في الدين أن يكون المرء مفسدا لا مصلحا مستهزئا لا جادا معول هدم لمجتمعه لا عامل بناء لبرجه المشيد لا تجده إلا في مظان الاستهزاء أو سن ما يخدش الدين والفطرة التي فطر الله الناس عليها ليحمل وزره ووزر من عمل بسنته إلى يوم القيامة . وأضاف: ليحذر كل من يضع لبنة فتنة إفساد في دين أو خلق أنهم سيحملون أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يظلونهم بغير علم وليحذر كل من غره ما في الباطل من تزويق وما في الفتن والافتتان من رقوش فالحق أبلج مهما أسدلت دونه الستور والباطل لجلج وما هو الا كسراب بقيعة يغري ولا يروي . وقال فضيلته : إن إيثار المرء السلامة والعافية في دينه لا يفهم منه الرضا بالدعة والقعود عما هو خير وما هو واجب لا يجوز القعود عنه وإنما تؤثر السلامة والعافية في مواطن الفتن والريب وتساوي الأمرين معا بحيث يشتبه الحق بغيره فيدع المرء ما يريبه إلى مالا يريبه ومن اتقى الشبهات فقد استبرا لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام , ولهذا كان من اعتقاد أهل السنة والجماعة في الفتن والخطوب المدلهمة إن السلامة لا يعدلها شيء والقعود أسلم إلا إذا تبين لهم الحق بالأدلة الشرعية الواضحة الصريحة الصحيحة فإنهم ينصرونه وأن من فر بدينه من الفتن سلمه الله منها وأن من حرص على العافية عافاه الله ومن أوى إلى الله آواه الله وذلك حال استحكام الفتن أيما استحكام وأن مما ينبغي الحذر منه الفهم الخاطئ لبعض القعدة الذين يفهمون العافية في غير موضعها فيستدلون بقوله سبحانه(يا أيها الذين امنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ظل إذا اهتديتم ) فيظنون أن معناها ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإصلاح الناس وبيان الصحيح في الفتن وهذا ليس هو مراد الله في كتابه بل إن المعنى أنه لا يضر المرء ظلال غيره إذا هو اهتدى وقام بما أمر الله به تجاه الآخرين من دلالتهم للحق وتحريرهم من الباطل لان الهداية بيد الله وما على المرء البلاغ والله الهادي إلى سواء السبيل . وفي المدينةالمنورة قال فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ صلاح البدير في خطبة الجمعة اليوم :" إن المشردين في الأرض هم صور وفصول من المعاناة فروا من ويلات الحروب والصراعات والعنف والمواجهات هجروا دورهم هرباً من القصف والقتل والدمار والمجازر المفجعة والجرائم المروعة التي يرتكبها الخونة الفجرة في شام العزة والكرامة والإباء وفي غيرها من بلاد المسلمين حتى أضحوا يعيشون في العراء لا مساكن تؤويهم ولا دور تقيهم سوى خيام تمزقها الريح وتقتلعها العواصف وتجرفها السيول يقاسون شدة الجوع وقسوة الشتاء وخطر المرض في زمن قاتم بالقسوة والعنف والرعب والدماء ورائحة الموت ، فنسأل الله أن يفرج كربهم وأن يهلك عدوهم". وبين فضيلته أن النصرة لازمة مع القدرة فعلى المسلمين أن لا يكونوا من أهل التخاذل والتقاعس والابطاء وأن يكونوا من أهل الغوث والعون والمواساة وأهل البذل والعطاء وأن يغيثون ويعينوا اخوانهم ولا يخذلوهم مستشهدا فضيلته بقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم :( مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُسْلِمٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ). وقال فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي :" أن الخير كله لمن ساعد إخوانه النازحين فطوبى لمن أعان نازحا أو لاجئا أو مشردا بسكن أو كساء أو غطاء أو غذاء أو دواء أو ماء ، يبتغي بذلك وجه الله سبحانه وتعالى لايرجوا عرضاً زائلاً ولا غرضاً دنيوياً ، مشيراً فضيلته إلى أنه لا يوجد أقسى من قلب ولا اكثر من شح ممن يشبع وجاره جائع وممن يبيت وأخوه مشرداً .