الحياء خلقٌ كريم، يَبعث على اجتِناب القبيح مِن الأفعال والأقوال، ويَمنع مِن التقصير في حقِّ ذي الحق، وهو مشتَقٌّ مِن كلمة "حَيِيَ" التي هي أصلٌ لكلمة الحياة؛ فهو نور للقلب وحياة للبدن، وبفقدِه تَضيع الحياة؛ فيصير المرء ميتاً يَمشي بين الأحياء. وحياء المرأة أصل في خِلقتها، وصِفَة مِن ألزم صفاتها، فلا تعرف المرأة إلا بالحياء، وإذا ذكر الحياء ذكرَت المرأة، فهما صاحِبان متلازِمان، وقرينان لا يَنفكَّان، طالَما بقي في الناس خير. المرأة الحييَّة: ♦ هي امرأة عَلمت أن الله حييٌّ كريم، وأن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان أشدَّ حياءً مِن العذراء في خِدرها، وأن الملائكة الكرام كانت تَستحي مِن عثمان بن عفان – رضي الله عنه – وأن الحياء شعبة مِن الإيمان؛ فاستمسَكت بحيائها، وعاشت به، وماتَت عليه. ♦ هي امرأة أيقنَت أن الله – جل وعلا – مطَّلع عليها، رقيب على فِعلها، لا تغيب عنه غائبة؛ قال تعالى: ﴿ وَهوَ مَعَكمْ أَيْنَ مَا كنْتمْ ﴾ [الحديد: 4]؛ فاستحيَت مِن الله – جل وعلا – أن يَراها حيث نهى، فأطاعت ما أمَر به – سبحانه – وتجنَّبَت ما نهى عنه، وبادَرت للتوبة عن كل تقصير وزلل. ♦ هي امرأة صانَت نفسَها، وحَفِظت كرامتَها، وتَسربَلتْ برداء العفَّة والحياء؛ فلا تعرَف إلا بالفضيلة، ولا يشار إليها إلا بخير، تَنأى بنفسها عن موارد الريبة ومظانِّ الفِتنة. ♦ هي امرأة لها نفس كريمة شريفة رفيعة أبيَّة، تَستحي مِن نفسِها؛ كأن لها نفسَين تَستحي بإحداهما أن تطَّلع مِن الأخرى على ما يَعيب، فهي مصانة في سرِّها قبل علَنِها، وانفرادها قبل تجمّعها، مردِّدة قول النبي – صلى الله عليه وسلم -: ((الحياء كلّه خير))؛ رواه مسلم. إذا لم تَستحِ، فاصنَع ما شئتَ: قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: ((إنَّ مما أدرك الناس مِن كلام النبوَّة الأولى: إذا لم تَستَحِ، فاصنَع ما شئتَ))؛ رواه البخاري، فليَفعل مَن أضاع الحياء ما بدا له؛ فسيَذوق وبالَ أمرِه، وسيَنال عاقِبة بغْيِه، وسيَندم، ولات حين مندَم. فإذا لم يَستَحِ المرء، نظَر إلى عورات الناس وتتبَّعَها، وألقى ثوب الحياء ونزَع رِداء الإيمان، وضيَّع عمره في شهوة أو نزوَة، بلا دين ولا عقل ولا حياء، ولكن لا مفرَّ فليَصنع ما شاء، فسيَلحقه غضب الله وسخطه ومقته، فلا تسلْ بعد ذلك عن ضيق صدرِه وانقباضِه، وهمِّه وغمِّه، وشقائه وتعاستِه، ولَعذاب الآخِرة أخزى لو كانوا يعلمون. المصدر: شبكة الألوكة