الهلال، سمي به لشهرته وظهوره، وفي اللسان: الشهر القمر، والعدد المعروف من الأيام، سمي بذلك لأَنه يشْهَر بالقمر وفيه علامة ابتدائه وانتهائه، ورد لفظ الشهر مفردا في كتاب الله سبحانه (12) اثنتي عشرة مرة، وهي عدد شهور السنة، ومَثْنى ورد مرتين، وجمع كثرة (شهور) ورد مرة واحدة، وذلك في قوله تعالى: ﴿ إِنَّ عِدَّةَ الشّهورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ ﴾ [التوبة: 36]، وجمع قلة (أشهر) ست مرات منها قوله تعالى:﴿ لِلَّذِينَ يؤْلونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبّص أَرْبَعَةِ أَشْهرٍ فَإِنْ فَاءوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفورٌ رَحِيمٌ ﴾ [البقرة: 226].. والشهر: أربعة أسابيع ويوم، أو أربعة أسابيع ويومان، وهي تساوي تسعة وعشرين يوما أو ثلاثين. وهذه أسماء الشهور: المحرم: سمي بذلك تأكيدا لتحريمه، لأن العرب كانت تتقلب به فتحله عاما وتحرمه عاما، ويجمع على محرمات ومحارم ومحاريم .تفسير ابن كثير (2/ 354).. قال القاسمي: والمحرم شهر الله، سمته العرب بهذا الاسم لأنهم كانوا لا يستحلون فيه القتال، وأضيف إلى الله تعالى، إعظاما له، كما قيل للكعبة (بيت الله) محاسن التأويل (9/ 3144).. صفر: سمي بذلك لخلو بيوتهم منهم حين يخرجون للقتال والأسفار، يقال: صفر المكان، إذا خلا، ويجمع على أصفار، كجمل وأجمال تفسير ابن كثير (2/ 354).. وإذا جمعوه مع المحرم قالوا: صفران، ومنه قول ابن أبي ذؤيب: أقامت به كمقام الحنيف / شهري جمادى وشهري صفر اللسان مادة: (صفر).. / شهرا ربيع: سميا بذلك لارتباعهم فيهما، والارتباع الإقامة في عمارة الربع، ويجمع على أربعاء، كنصيب وأنصباء، وأربعة كرغيف وأرغفة، وربيع الآخر كالأول تفسير ابن كثير (2/ 354).. قلت: ولا يقال الثاني، بل يقال الآخر. قال بعضهم: إنما التزمت العرب لفظ (شهر) قبل(ربيع) لأن (ربيع) مشترك بين الشهر والفصل. محاسن التأويل.. شهرا جمادى: كحبارَى سمي بذلك لجمود الماء فيه وقت التسمية، كما قال الشاعر: فِي لَيْلةٍ مِنْ جمادى ذاتِ أَنْدِيَةٍ / لَا يبْصِر الكلب، مِنْ ظَلْمائِها، الطّنبا / لاَ يَنْبَح الْكَلْب فِيهَا غَيْرَ واحِدَةٍ / حَتَّى يَلفَّ عَلَى خَيْشومِهِ الذَّنَبَا / ويجمع على جماديات، كحبارى وحباريات، وقد يذكر ويؤنث؛ فيقال: جمادى الأولى والأول، وجمادى الآخر والآخرة. تفسير ابن كثير (2/ 354) وتصحيح البيتين من شرح شافية ابن الحاجب للرضي الأستراباذي (4/ 278).. قلت: ولا يقال: جمادى الثاني ولا الثانية. قال الفراء: الشهور كلّها مذكرة إلا جماديان فإنهما مؤنثان، قَالَ بَعْض الأَنصار: إِذا جمادَى مَنَعَتْ قَطْرَها،… زانَ جِناني عَطَنٌ مغْضِف . اللسان مادة: (جمد).. رجب: من الترجيب، وهو التعظيم، ويجمع على أرجاب ورجاب ورجبات. تفسير ابن كثير وأرجبة وأرجب ورجوب وأراجب، وأراجيب ورجبانات، وإذا ضموا له شعبان قالوا: (رجبان) للتغليب[. محاسن التأويل (9/ 3146).]. وهو من الأشهر الحرم. شعبان: من تشعب القبائل، وتفرقها للغارة، ويجمع على شعابين وشعبانات. تفسير ابن كثير (2/ 354).]. رمضان: من شدة الرمضاء وهو الحرّ، يقال: رمضت الفصال إذا عطشت، ويجمع على رمضانات ورماضين وأرمضة وأرمضاء، وقول من قال: إنه اسم من أسماء الله تعالى؛ خطأ لا يعرج عليه ولا يلتفت إليه[.تفسير ابن كثير (2/ 354).]. ورمضان شهر الصوم. شوال: من شالت الإبل بأذنابها للطراق، ويجمع على شواول وشواويل وشوالات.[ تفسير ابن كثير (2/ 354).]. وهو شهر عيد الفطر، وأول أشهر الحج. وكانت العرب تتطير من عقد المناكح فيه، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم طيرتهم[. محاسن التأويل (9/ 3148).]. القَعدة: بفتح القاف وكسرها، لقعدهم فيه عن القتال والترحال، ويجمع على ذوات القعدة[. تفسير ابن كثير (2/ 354).]. وذوات القعدات والتثنية ذواتا القعدة، وذواتا القعدتين، فثنوا الاسمين وجمعوهما، وهو عزيز، لأن الكلمتين بمنزلة كلمة واحدة، ولا تتوالى على كلمة علامتا تثنية ولا جمع[. محاسن التأويل (9/3148)]. وهو من الأشهر الحرم. الحِجَّة أو الحَجَّة: بكسر الحاء وفتحها، وسمي بذلك لإيقاعهم الحج فيه، ويجمع على ذوات الحجة[.تفسير ابن كثير (2/354)]. ولم يقولوا (ذوو) على واحدة، والفتح فيه أشهر من الكسر، و(الحِجَّة) بالكسر المرة الواحدة من الحج، وهو شاذٌ لأن القياس في المرة الفتح[. محاسن التأويل (9/ 3148)]. وهو من الأشهر الحرم وفيه أيام التشريق ويوم الأضحى وعرفة والليالي العشر. ورد في حديث: "شهرا عيد لا ينقصان"[. الحديث في صحيح الجامع برقم: (3613) عن أبي بكرة رضي الله عنه.]. يريد شهر رمضان وذا الحجة، إن نقص عددهما في الحساب، فحكمهما على التمام، لئلا تحرج أمته إذا صاموا تسعة وعشرين، أو وقع حجهم خطأ عن التاسع أو العاشر، لم يكن عليهم قضاء، ولم يقع في نسكهم نقص، وقيل غير ذلك، وهذا أشبه[. النهاية مادة: (شهر)]. فالحمد لله الذي خلق الأزمنة والأوقات وقسمها سبحانه إلى دقائق وساعات، فتكونت من دورانها الليالي والأيام، ثم الشهور والأعوام، فصارت القرون والأحقاب، والزمن له دورة، فدورة مؤشر الثواني يدل على مرور دقيقة، ودورة مؤشر الدقائق يدل على مرور ساعة زمنية، ودورة الشمس حول الأرض تدل على مرور اليوم، ودورة القمر تدل على مرور الشهر، قال الله عز وجل:﴿ وَكلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحونَ ﴾ [يس: 40]. وكذلك دورة فصول السنة الأربعة وهي الصيف والشتاء والربيع والخريف، تدل على مرور العام، قال تعالى: ﴿ إِنَّ عِدَّةَ الشّهورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حرمٌ ﴾ [التوبة: 36]. وقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: "إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم" متفق عليه. هذا خلق الله عز وجل فهل لأحد من الناس أن يتلاعب بهذا الزمن فيغير الأسماء أو يزيف الصفات؟! هذا الزمن منحة من الله سبحانه، حتى نزرع فيه اليوم ما سنحصده غدا يوم السؤال والحساب، فعلينا أن نعظم الله ما عظم الله جل جلاله. قال قتادة: إن الله اصطفى صفايا من خلقه؛ اصطفى من الملائكة رسلا، ومن الناس، واصطفى من الكلام ذكره، واصطفى من الأرض المساجد، واصطفى من الشهور رمضان والأشهر الحرم، واصطفى من الأيام الجمعة، واصطفى من الليالي ليلة القدر، فعظموا ما عظم الله، فإنما تعظيم الأمور بما عظمها الله به عند أهل الفهم والعقل][ . تفسير ابن كثير (2/ 355).]. وعندما اعتدى العرب في الجاهلية على الأشهر الحرم فأحلوا الحرام وحرموا الحلال، حكم الله سبحانه وتعالى على عملهم هذا بالكفر فقال سبحانه:﴿ إِنَّمَا النَّسِيء زِيَادَةٌ فِي الْكفْرِ يضَلّ بِهِ الَّذِينَ كَفَروا يحِلّونَه عَاماً وَيحَرِّمونَه عَاماً لِيوَاطِئوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّه فَيحِلّوا مَا حَرَّمَ اللَّه زيِّنَ لَهمْ سوء أَعْمَالِهِمْ وَاللَّه لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾ [التوبة: 37]. قال ابن إسحاق: كان أول من نسأ الشهور على العرب (القَلَمَّس) وهو حذيفة بن عبد بن فقيم بن عدي، ثم قام بعده ابنه عباد، ثم قَلَع بن عباد، ثم أمية بن قلع، ثم ابنه عوف بن أمية، ثم ابنه أبو ثمامة جنادة بن عوف، وكان آخرهم، وعليه قام الإسلام، فكانت العرب إذا فرغت من حجها اجتمعت إليه، فقام فيهم خطيبا، فحرم رجبا وذا القعدة وذا الحجة ويحل المحرم عاما ويجعل مكانه صفر ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله، فيحل ما حرم الله يعني ويحرم ما أحل الله][ . البداية والنهاية (6/206).]. قال القاسمي في محاسن التأويل: و(القَلَمَّس) بقاف فلام مفتوحتين، ثم ميم مشددة. قال في (القاموس وشرحه): هو رجل كناني من نَسَأَةِ الشهور على معدّ في الجاهلية، كان يقف عند جمرة العقبة، ويقول: اللهم إني ناسئ الشهور وواضعها مواضعها، ولا أعاب ولا أجاب، اللهم إني قد أحللت أحد الصفرين، وحرمت (صفر) المؤخر، وكذا في الرجبين، (يعني رجباً وشعبان)، ثم يقول: انفروا على اسم الله تعالى. قال شاعرهم: وفينا ناسئ الشهر القَلَمَّس. وقال عمير بن قيس المعروف بِجَذْل الطِّعان: لقد علمت معدٌّ أنَّ قومي / كرام الناس أنَّ لهم كراما / ألسنا الناسئين على معدّ / شهورَ الحِلّ نجعلها حراما / فأي الناس فاتونا بِوتْرٍ / وأي الناس لم نعْلِكْ لِجَاما محاسن التأويل (9/3152- 3153).] / فجاء الإسلام وعاد الأمر إلى ما كان عليه واستدار الزمان كهيئته يوم أن خلق الله السماوات والأرض السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم، كما سبق في الحديث الصحيح. إن الناظر في الزمن يجد أنه ينبني على النور أو الضوء المنبعث من الشمس أو القمر؛ فبحركتهما يتغير حال النور؛ أو الضياء قوة وانتشارا، أو ضعفا وانحسارا، ويكون ذلك دوران الزمن، فساعات الغدوِّ صباحا؛ ضياؤها تختلف عن البهْرَة أي وسط الليل. وهكذا بقية الساعات التي ذكرها العرب وهي كما ذكرها الثعالبي قال: عن حمزة بن الحسن وعليه عهدتها: سَاعَات النَّهارِ: الشروق. ثمَّ البكور. ثمَّ الغدْوَة. ثمَّ الضّحَى. ثمَّ الهاجِرَة. ثمَّ الظَهِيرَة. ثمَّ الرَّوَاح. ثمَّ العَصْر. ثمَّ القَصْر. ثمَّ الأصِيل. ثمَّ العَشِيّ. ثمَّ الغروب. سَاعَات اللَّيلِ: الشَّفَق. ثمَّ الغَسَق. ثمَّ العَتَمَة. ثمَّ السّدْفَة. ثمَّ الفَحْمَة. ثمَّ الزّلَّة. ثمَّ الزّلْفة. ثمَّ البهْرَة. ثمَّ السَّحَر. ثمَّ الفَجْر. ثمَّ الصّبْح. ثمَّ الصَّباح"، وبَاقي أسْماءِ الأوْقَاتِ تَجِيء بِتَكْرِيرِ الألفاظ التّي معانيها متّفقة"[. فقه اللغة وسر العربية (ص: 215).]. فقديما توقف الزمن ساعة الطَّفَل لتوقف الشمس عن سيرتها أو غروبها بأمر الله، استجابة لدعوة نبيه يوشع بن نون عليه السلام، حتى فتح الله عليه ونصره على أعدائه الكفار. جاء في غريب الحديث للقاسم بن سلام[. (4/265).]: [طِفْل وَقَالَ أَبو عبيد: فِي حَدِيث عبد الله بن عمر؛ أَنه كره الصَّلَاة على الْجِنَازَة إِذا طَفَلَت الشَّمْس. قَالَ الْأَصْمَعِي: قَوْله: طَفَلَت يَعْنِي دنت للغروب، وَاسم تِلْكَ السَّاعَة: الطَّفَل قَالَ لبيد: (الرمل) فَتَدَلَّيت عَلَيْهِ قَافِلاً / وَعلى الأَرْض غَيَايَات الطَفَلْ / يَعْنِي الظل عِنْد الْمسَاء. قال الفخر الرازي: واعلم أن الحساب مبني على أربع مراتب: الساعات والأيام والشهور والسنون، فالعدد للسنين، والحساب لما دون السنين، وهي الشهور والأيام والساعات، وبعد هذه المراتب الأربع لا يحصل إلا التكرار، كما أنهم رتبوا العدد على أربع مراتب: الآحاد والعشرات، والمئات والألوف، وليس بعدها إلا التكرار. والله أعلم][ . التفسير الكبير (مفاتح الغيب) للرازي (2/ 168).]. وقال أيضا عند تفسير قوله سبحانه: ﴿ إِنَّ عِدَّةَ الشّهورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً ﴾ [التوبة: 36]: [قال أهل العلم: الواجب على المسلمين بحكم هذه الآية أن يعتبروا في بيوعهم، ومدَدِ ديونهم، وأحوالِ زكواتهم، وسائرِ أحكامهم السنةَ العربيةَ بالأهلة، ولا يجوز لهم اعتبار السنة العجمية والرومية] [. مفاتح الغيب (16/ 55).]. المصدر: شبكة الألوكة.