يُحكى أن حمامة كان لها عش فوق نخلة عالية، وكانت تتخذ هذا العش لبعده عن الوحوش أن تلتهم صغارها، إلا أنها كانت كلما باضت وفقس بيضها، وكبر فراخها؛ جاءها ثعلب ماكر، فوقف تحت النخلة، وصاح في الحمامة، وتوعدها أن لم تلق إليه فراخها صعد إليها فأكلها وأكل الفراخ.. فتخاف الحمامة وتلقي إليه بفراخها. وذات مرة باضت وفقست بيضاتها، وخرج لها فرخان.. وأقبل مالك الحزين فرأى الحمامة كئيبة حزينة شديدة الهم .. فقال لها مالك الحزين: ماذا بك يا حمامة ولماذا أنت حزينة؟ فقالت الحمامة: يا مالك الحزين، الثعلب يا مالك الحزين.. كلما خرج فراخي؛ جاءني يهددني ويصيح، فأرتعب وألقي له بفراخيّ. قال مالك الحزين: لا تستسلمي له.. إذا أتاك ليفعل؛ فقولي له: لا ألقي إليك فرخيّ فاصعد إليّ وسترى بنفسك ما أفعل.. فإن الثعلب لا يستطيع صعود النخلة.. فلما علّمها مالك الحزين هذه الحيلة طار فوقع على شاطئ نهر.. وجاء الثعلب فوقف تحت النخلة.. ثم صاح كما كان يفعل.. فردت عليه الحمامة بما علمها مالك الحزين. فقال لها الثعلب: هذا ليس كلامك أيتها الحمامة؛ فأخبريني من علمك هذا؟ فقالت الحمامة: علمني مالك الحزين. فعاد الثعلب يملأه الضجر والغضب.. وراح يبحث عن مالك الحزين.. فوجده عند شاطئ النهر واقفاً.. فقال له الثعلب: يا مالك الحزين بشرني عن حالك.. ولي عندك سؤال أود أن تجيبني عليه فقد حيرني كثيرًا.. قال مالك: سل ما تشاء.. فقال الثعلب: يا مالك .. إذا أتتك الرياح عن يمينك ماذا تفعل؟ وقال مالك الحزين: أجعل رأسي عن شمالي. ثم قال الثعلب: فإذا أتتك عن شمالك ماذا تفعل؟ فقال مالك الحزين: أجعله رأسي عن يميني أو خلفي. وقال الثعلب: فإذا أتتك الرياح من كل مكان ومن كل ناحية أين تجعله؟ قال مالك: أجعل رأسي تحت جناحي. فقال الثعلب: وكيف تستطيع أن تجعله تحت جناحك؟ أظنك لا تستطيع؟! قال مالك: بلى. ثم قال الثعلب: فأرني كيف تصنع، فيالا فضل الله عليكم يا معشر الطير، تتقين الرياح وتدخلون رؤوسكم تحت أجنحتكم من البرد والرياح فهنيئاً لكم. فأرني كيف تفعلها. فأدخل الطائر رأسه تحت جناحه، فوثب عليه الثعلب وافترسه وأكله.. ثم قال الثعلب بعد أن فرغ من أكل مالك الحزين موجها كلامه لما تبقى من ريشه: يا عدوّ نفسه .. ترى الرأي للحمامة.. وتعلمها الحيلة لنفسها.. وتعجز عن ذلك لنفسك حتى يتمكن منك عدوك..