بسم الله. بعد عَرْض المعنى الذي يُشير إليه مصطلح الحقوق وعرض الأنواع التي تندرج تحت مصطلح الحقوق، ننطلق للحديث عن مدى الحماية التي يوفرها النظامُ السعودي لهذه الحقوق. فأنتجت الدولةُ السعودية أنظمةً عديدة تحمي حقوقَ الفرد والجماعة، فعلى الصعيد التجاري أوجدت نظاماً يُسمى بنظام المحكمة التجارية بمواده الستمائة والثلاثة والثلاثين تحدث فيه عن ضوابط التعامل بين التجار وآلية فصل المنازعات بينهم… وكلام نحو ذلك، وعلى الصعيد المدني وُجد نظام المرافعات الشرعية ليدل الشخص الذي ظُلم بحق له إلى المحكمة التي ترد له حقه المالي الضائع، وعلى الصعيد الجنائي ظهر نظام الإجراءات الجزائية ليوضح آلية المطالبة ضد المعتدي على النفس والناحية المعنوية، وعلى الصعيد الإداري هناك نظام المرافعات أمام ديوان المظالم ليتحدث عن إجراءات مطالبة الموظف الإداري بحقه المالي من الجهة الإدارية. وفي ذات الوقت أصدرت تلكم الدولة أنظمة مكافحة الرشوة ومكافحة التزوير والتزييف حماية للحقوق السياسية والمدنية، وأصدرت نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية دفاعا عن الكيان المعنوي للشخص الطبيعي وكذلك الشخص المعنوي كالمؤسسات والشركات، وأصدرت نظام الحماية من الإيذاء منعا وزجراً لمن ينتهك الكيان المادي للشخص، فهو يحمي الجسدَ بشكل أساسي ويليه حماية الكيان المعنوي، وأصدرت كذلك نظام مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية حماية للكيان المادي والمعنوي، وحماية للدين والمال والعقل والنفس، وحماية للمجتمع من ضياع الحقوق المالية والمعنوية. وما ذكرته سابقاً للمثال لا الحصر، والمقصود هو تأسيس المقال على حجج تؤيد الفكرة محل الكتابة، ففكرة حماية الدولة للحقوق في القضاء لا بد لها من سند، وفكرة حماية الحقوق بالنوع لا بد لها من حجة. وجهود الدولة في حماية هذه الحقوق لا يعني أننا وصلنا إلى مرحلة الاكتفاء الحمائي والعلاجي لانتهاك الحقوق، فعاصفة ضياع الأسهم المالية الشهيرة لم تجد علاجاً من سوق الأسهم المالية، ومآسي الفساد الإداري والمالي لدى بعض الجهات الذي يرى الفرد أثره واضحاً في الطرق والمطارات والسكك الحديدية لم تجد حتى الآن العلاج لهذا المرض الذي أرهق ميزانية الدولة لسنوات طويلة، وما ظهر من جمعيات لحقوق الإنسان لم يلمس المجتمع أثراً حمائياً وعلاجياً ملموساً وحقيقياً، ولا أبالغ حين أقول إن كثيراً من أفراد المجتمع بمن فيهم المتعلمون لا يعلمون عن اختصاص وتخصص هذه الجمعيات الحقوقية، ويخيّل إلى الناظر أنها تحمل اسماً لا معنى. وأختم حديثي بالقول: إننا نستبشر بعهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بأنه سيكون نهاية للفساد والإفساد الجزئي، وأنه سيكون عهداً تكتمل فيه المنظومة بلا مكدر. وصلَّوا على النبي المختار د. تركي بن عبدالله الطيار [email protected]