إن تقويمنا الهجري هو سنة راشدية شرعية ووعاء تراثنا وتاريخنا الإسلامي، وأحد الأسباب لتقوية صلة الأجيال بحضارتنا ومجدنا وتاريخنا الذي نستمد منه مع عقيدتنا قوتنا وثقتنا في ديننا أولاً ثم في رجال وأحداث الفتح الإسلامي ومواقف الجهاد في الدفاع عن مقدرات المسلمين وحياض دولهم وبلدانهم، وهو وعاء الدعوة إلى الإسلام التي حملتها دول وقادة ورجال وتجار ودعاة عبر تاريخنا المجيد، بينما التقويم الميلادي – تقويم الكنيسة – له خلفياته وحمولاته العقدية والفكرية والأخلاقية الصليبية والغربية لتي لا تخفى، كعقيدة التثليث وتأليه عيسى عليه السلام والأعياد النصرانية التي لا تمت لعيسى عليه السلام ولا للإنجيل الصحيح بصلة والحديث عن صَلْب المسيح الذي هو عقيدة راسخة عند أهل الكنيسة إلخ، وهذه وغيرها لا ريب أن للتقويم الميلادي – مع غيره من وسائل الغزو الفكري والعقدي – دوراً في قدحها وتثبيتها في الذهن والوجدان المسلم ومن ثم تتسرب إلى حياته. إن حضور التقويم الكنسي الصليبي في حياة المسلمين يفتح أبواباً على المسلمين لنشر البلبلة وخلط الأوراق في حياتهم، حتى صار الكثير منهم يحتفل بالأعياد الكنسية ذات الخلفيات العقدية الكنسية، ويتعلق برجالها، وهذا مُنافٍ للاعتزاز والاستمساك بعقيدتنا وشريعتنا الإسلامية، وتحمل أشهر السنة الميلادية الكنسية تقديسا لآلهة الرومان وأباطرتهم وأسماء رجال الكنيسة التي كفرت بعيسى عليه السلام فجعلته ابنا لله تعالى، كشهر مارس وهو اسم إله الحرب عند الرومان وغيره، وتقديم التقويم الكنسي الميلادي تعظيم له وإسهام في تغريب الأجيال وربطها بثقافة الغرب عبر تقويمه – مع غيره مما ابتليت به الأمة – وما يمثله، وفصل للأجيال عن تاريخها وتراثها وأحداث تاريخها الناصعة المحفزة على الارتقاء والرقي في مدارج المجد والعلو والسمو. فهل من العدل إعلاء تقويم الكنيسة والصليب في حياة المسلمين وإقصاء تقويم الخلافة الراشدة الذي هو ذاكرة ووعاء تاريخنا الإسلامي المجيد؟! علي التمني