تغير لون ضوء الإشارة المرورية من اللون الأخضر تزامناً مع اقترابي منها. خففت من سرعة المركبة، لكني لم أرَ خطاً واضحاً يشير للحد الذي يجب ألا تتعداه المركبة، لذلك رسمتُ – في عقلي- خطاً وهميا، لألُزم نفسي بالوقوف قبله، وقد كنتُ مبالغاً بعض الشيء. سرعان ما أصبح ذلك الخط -الوهمي- خطاً حقيقياً ملزما لكل من توقف بجانبي. ما إن أضاء اللون الأخضر حتى كان هنالك من السيارات العدد الكبير، الذي تبع بعضه البعض – بغض النظر عن صحة ما فعله الأول. زاد فضولي، فقررتُ إعادة التجربة. فعُدتُ إلى نفس الإشارة وفي توقيت مناسب لأكون أول من يتوقف، هذه المرة تعمدتُ أن أتوقف بالقرب من الإشارة. كانت المسافة تبعد مترين عن المكان الأول، العجيب أن كل من توقَف بجانبي قد اتخذ مني الأنموذج، والمُشرِّع، فكُناّ على مستوى واحد من القرب من الإشارة المرورية. حينما تكون الملامح غير واضحة، يمكن لأي شخص -في أغلب الأحيان- أن يرسم بنفسه الملامح. ولا يفوز بالسبق فحسب؛ بل يستطيع أن يرسم في عقول الأغلبية خطوطاً وجدراناً وسقوفاً أيضاً. نسبة قليلة جداً، تُقدّر بين 5% و8% حسب بعض الدراسات- هي التي لا تتأثر جداً بالضغوط الاجتماعية، ولا تسعى للتقليد. نفس الفكرة تتكرر في أشكالٍ وممارساتٍ مختلفة؛ ألا ترى أنك حينما تكون في الصحراء تسلُك نفس الطريق الذي تم رسمُه عن طريق شخص ما بدلاً من المجازفة بالبحث عن طريق جديد! قد يجهل البعض أن (الطريق) لم يسمى بذلك إلاّ بعد أن طرقته الأقدام. ولفظ (طريقة) توحي بتكرار شيء على نهج معين. احذر من التسليم بأي خطوط تم رسمُها لتكون طُرقاً لمجرد كونها مرسومة، وتذّكر أن بعض الطرائق ليست سوى خطوطاً في عقلك، أو في عقل شخص ما، وأخيرا احذر ثم لاحظ ما ترسمه لغيرك. فهد بن جابر @FahdBinJaber