بين يدي كتاب تطوير الذات الشهير “دع القلق وابدأ الحياة” لمؤلفه الكاتب الأمريكي ديل كارينجي، والذي جمع فيه مؤلفه خلاصة تجاربه العملية لسنوات قضاها في التدريب، وكيف تعامل مع الناس الذين يعانون من القلق. فدعونا نبحر سويا بين دفتي هذا الكتاب الرائع والذي يعد من أهم المراجع في هذا الباب، ومن أكثر الكتب مبيعاً. بدأ المؤلف في سرد عدد من الفصول التي تشتمل على قواعد مهمة في التعامل مع القلق، وتجارب لأشخاص ناجحين استطاعوا أن يتخلصوا من هذا الكابوس المزعج. وقد افتتح كتابه بقاعدته الأولى: عش في مقصورة مظلمة، وينصح القراء من خلال هذه القاعدة إلى أن يوصدوا أبواب الماضي والمستقبل وأن يعيشوا اللحظة الحالية، كقبطان سفينة لا يرى إلا ما هو داخل مقصورته فينشغلوا بمهامهم ويطوروا ذواتهم. مستشهداً بمقوله الأديب الأسكتلندي توماس حيث يقول ” ليست وظيفتنا أن ننظر نحو الأفق البعيد الباهت، بل أن ننجز ما بين أيدينا من عمل”. كما يرشدنا ديل إلى معادلة وصفها بالسحرية ابتكرها مخترع أمريكي لمعالجة القلق الذي انتابه خلال الأزمة التي تعرض لها في شركته، وتوصل من خلالها إلى ثلاث خطوات لعلاج القلق وهي: تحليل الوضع الراهن بهدوء وعقلانية، ثم التفكير في أسوأ الاحتمالات وتقبلها، والعمل بهدوء لعلاج تلك المشكلة. وتناول المؤلف في الفصل الثالث أضرار القلق على الصحة وما يفعله بعقل الإنسان من خلال دراسات تبين مدى أثره، ومن ذلك ما أشارت إليه دراسة أجريت قبل 80 عاماً إلى أن أكثر من نصف أسرة المستشفيات الأمريكية يشغلها مصابون باضطرابات نفسية، وختم ذلك بقول أفلاطون “أكبر خطأ يرتكبه طبيب هو أن يحاول مداواة الجسد قبل مداواة العقل”. ثم ذكر لنا المؤلف ثلاث طرق لتحليل وعلاج مشكلات القلق: بدأها بالقاعدة المتعارف عليها والتي تمر بجمع المعلومات والحقائق، ثم تحليلها، وصولا إلى قرار مبني على تلك الاستنتاجات. وأتبعها بطريقتين يقترحهما المؤلف وتتلخص في: الأولى: أن تفترض أنك تجمع البيانات لمشكلة لأحد الأصدقاء، وفي الشق الثاني تحاول أن تتقمص شخصية محامٍ من خلال طرح المعلومات والحقائق التي لا تعجبك، ثم تخرج بخلاصة توفق فيها بين وجهتي النظر تلك. والثانية: تتلخص في إحضار ورقة وقلم وتجيب فيها على سؤالين فقط : ماذا يقلقك؟ وما الذي بإمكانك عمله حيال ذلك؟ وفي الفصل الخامس يكشف لنا المؤلف إلى أنه بإمكانك تجنب خمسين في المئة من ضغوطات العمل التي تواجهك، وذلك من خلال عرض تجربة غيرت حياة مدير عام أكبر دور نشر في نيويورك وكيف أبدى لديل انزعاجه من الجدل الدائم بين الموظفين في اجتماعات العمل دون معرفة المشاكل الحقيقية، وكيف استطاع أن يخترع نظاماً يجبر أي شخص في الشركة يرغب في تقديم شكوى عن مشكلة معينة بأن يجيب أولاً على أربعة أسئلة : ماهي المشكلة؟ وما مصدرها برأيك؟ وما حلولها الممكنة؟ وما الحل الذي تقترحه؟ وقد اكتشف الموظفون أنفسهم بعد هذه التجربة؛ أن ثلاثة أرباع الحالات لم يعد لديهم حاجة للشكوى. بقي القول يا سادة … للحديث بقية وللفصول تتمة، نتمها -بإذن الله -في مقال الأربعاء المقبل وحتى ذلكم الحين لا تتركوا للقلق مجالا أن ينال منكم ويأخذ نصيبه من صحتكم ووقتكم وسعادتكم حطموه بقوة إرادتكم واستعينوا عليه بمن خلقه وخلقكم. يسرني جميل تواصلكم m2025a@ ويسعدني تلقي آرائكم ومقترحاتكم