حكى لي ولدي حالات كثيرة لمدرسيه وانتقاده كثرة غيابات بعضهم وقلة حماسهم فأوقد رماد نار في قلبي حسبتها قد طفئت على مر السنين فقلت له يا ولدي لقد أكرمني الله وشرّفني بخدمة وطني الثري بفلذات أكباده فعملت 5 سنوات بالتعليم الثانوي هي عندي تاج أيام حياتي، فما أذكر يوما ذهبت فيه إلى المدرسة إلا والحماس يتطاير شرره من كل بدني فأنا أقود السيارة صوب مدرستي وعقلي يحلق هناك بالفصل ينظم أفكاره وقلبي ينبض فرحاً تأهبا للقيا الجنود الفتيان وروحي تبتهل لمولاي بالتوفيق والسداد فما أن أحط رحلي بالمدرسة إلا وأرى نفسي كأنني في قلعة تحيط بها حديقة غناء مفتحة الأزهار فأسلم على الحارس بوجه بشوش وأحيي من يصافحني من المدرسين والطلاب بحرارة وشوق وفي غرفة مكتبي أرتب أوراقي المطبوعة وأنظم كلماتي وأفكاري فأدخل على طلابي بالفصل وكأنني أمام حقول بترول بل هم عندي أغلى ثروات الوطن فأحرص على مراعاة ضعيفهم وأشد من أزره وأشجع قويهم فأعزز همّته لأخرج من عندهم منتشياً مبتهجا وكأنني في مباراة فاز فيها منتخب الوطن وهكذا يكون حالي بقية اليوم حتى إذا ما عدت للبيت راجعت ملاحظات طلابي وزملائي وقضيت الساعات الطوال لتحضير مواد الغد ، فأطبع على آلتي الكاتبة وأصور على حسابي يوميا أكثر من 100 ورقة . يا ولدي كنت أسعد بالمعلومة الجديدة فأدونها وأسعد أكثر عندما أنقلها لطلّابي ، هل تصدّق يا ولدي أن هذا ديدني حتى آخر يوم ودّعت فيه طلابي . يا ولدي عندما كنت معلما كنت أشعر أنني صاحب رسالة فما فكرت يوما في إجازة اضطرارية وفي المعمل أشعر أنني مهندس في مصنع فأعلم الطلاب السلامة أولا وفي دوري الرياضة أتقمص دور المدير الفني لفريق فصلي فأوقظ حماسهم بالحوافز وفي المسجد أشعر بأنني مرشدهم الروحي فأغذي قلوبهم بكلمات الإيمان ورحيق القرآن وفي الرحلات أتصابى معهم باللعب والمزاح وكأنني واحد منهم . يا ولدي إن المدرس " أمة في واحد" فمن لم يأته هذا الشعور من مدرسيك فليترك الأمة وسيقيض الله لطلابه أكثر من واحد . أعلمت أشرف أو أجل من الذي يبني وينشئ أنفسا وعقولا يسدي الجميل إلى البلاد ويستحي من أن يكافأ بالثناء جميلا أ.م. محمد أحمد عبيد مستشار تربوي ومدرب جودة @mohdobaid66