تلقى التمويل الإسلامي الدفعة التي كان يحتاج إليها بعد أن طلب مصرف قطر المركزي من البنوك التقليدية إغلاق عملياتها للأنشطة المصرفية الإسلامية. ورسمت الخطوة القطرية خطا فاصلا بين المصارف الإسلامية والمصارف التقليدية التي تستحوذ على 83 في المائة من الأصول المصرفية في المنطقة. وحتى قبل القرار القطري المفاجئ كان من المتوقع أن ينمو قطاع التمويل الإسلامي بما بين 15 و20 في المائة سنويا وفقا لتقرير أصدرته مؤسسة "برايس ووترهاوس كوبرز" في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. وإذ ما اقتفت بنوك مركزية أخرى تتطلع إلى إثبات التزامها حيال صناعة التمويل الإسلامي التي يبلغ حجمها تريليون دولار إثر الخطوة القطرية لفصل العمليات التقليدية عن تلك التي تلتزم بأحكام الشريعة فسيكون هذا النمو أكبر. وقال هومايون دار المدير التنفيذي "بي.إم.بي" الإسلامية للاستشارات "لن تصيبني الدهشة إذا ما تضاعف نصيب السوق في دولة الإمارات إلى المثلين من 25 في المائة إلى 50 في المائة في غضون الخمس السنوات المقبلة، وبعد هذه الخطوة في قطر أعتقد أن هذا الأمر أصبح أكثر ترجيحا". وعانت البنوك الإسلامية من البنوك الغربية في المنطقة التي تقدم منتجات تتماشى مع الشريعة؛ إذ اقتطعت من نصيبها في السوق خلال العام الماضي. وقال وليد محسن المحلل لدى "جولدمان ساكس" في مذكرة بحثية، إن المؤسسات الإسلامية لن تضطر في الوقت الراهن إلى التنافس مع نظيراتها الغربية على القروض والودائع، وربما سيمكنها أن تشتري محافظها الإسلامية بشروط مواتية. وأوضح جاب ميجر المحلل لدى "اليمبيك إتش.سي" إن هناك مزايا واضحة وفورية بالنسبة لشركات مثل مصرف قطر الإسلامي الذي يمكن أن يضيف 35 في المائة إلى دفتر قروضه إذ ما استحوذ حتى على 50 في المائة من الأصول الإسلامية المتوقع أن تتدفق على السوق في أعقاب قرار مصرف قطر المركزي. ويمكن بسهولة أن تجني مصارف إسلامية أخرى في المنطقة هذا النوع نفسه من المكاسب إذا ما حذت دول أخرى حذو قطر. وفضلا عن إعادة توزيع الأصول مباشرة في أعقاب الحظر سيستفيد التمويل الإسلامي أكثر من تقليص علاقاته مع نظيره التقليدي، وهو ما يمكن أن يؤثر في الصفقات التجارية. ويرى مصرفي إسلامي يقيم في الإمارات أن "هناك دائما شدا وجذبا بين أي فرع إسلامي يريد أن يلتزم بروح الشريعة وبين البنك التقليدي الذي ينظر إلى المعاملات من منظور مالي بحت". وربما تشجع الخطوة على وضع لوائح وتنظيمات، وقد تؤدي في نهاية المطاف إلى ابتكار منتجات جديدة بعد الانتقادات الموجهة للتمويل الإسلامي بمحاكاة التمويل التقليدي بصورة كبيرة. وأضاف المصرفي "ربما يساعد هذا التمويل الإسلامي على أن يبدأ في الابتكار بدلا من أن يكون مجرد انعكاس لصورة نظيره التقليدي". وأعلن مصرف قطر المركزي بالفعل أنه سيطلق مجموعة جديدة من قواعد كفاية رأس المال للبنوك الإسلامية التي يقول المصرفيون الإسلاميون إنها يمكن أن تستند إلى التوجيهات التي وضعها مجلس الخدمات المالية الإسلامية ومقره ماليزيا، وهو الهيئة الدولية المسؤولة عن إصدار معايير الرقابة على المصارف الإسلامية. وبينما قد تعود خطوة نحو المزيد من التنظيم والاستقلالية بالنفع على صناعة التمويل الإسلامي، يحذر البعض من أن الصناعة يجب ألا تتعجل أكثر من اللازم في الانفصال الكامل على الفور. وقال عالم شريعة طلب عدم نشر اسمه ل"رويترز" إن بعض المعاملات مثل التحوط تحتاج إلى خبرة ومساندة البنوك التقليدية "من السابق لأوانه في تطوير صناعة التمويل الإسلامي أن تنفصل كلية عن البنوك الكبرى". وتدار صناعة التمويل الإسلامي على نحو كبير من خلال مصرفيين ومحامين تدربوا في مؤسسات التمويل الإسلامي. وبينما يعتمدون على علماء الشريعة الإسلامية لمساعدتهم في المسائل الشرعية فلديهم الفطنة التجارية لإدارة البنوك على النحو الملائم. ويمكن لماليزيا التي تتمتع بصناعة تمويل إسلامي راسخة ومزدهرة أن تقدم للخليج نموذجا أوسع من مجرد قواعد تتعلق بكفاية رأس المال. وقال محمد عظمي خبير التمويل الإسلامي العالمي لدى "برايس ووترهاوس كوبرز" إن الفصل بين الأنشطة المصرفية التقليدية والإسلامية وسيلة لضمان المزيد من الالتزام بأحكام الشريعة. كما أنه سيهدئ المخاوف حيال الأصول المختلطة أو القلق من أن تستخدم الأموال الإسلامية في صفقات تقليدية. وسيشجع أيضا على قدر أكبر من المساءلة من جانب المديرين الذين سيجبرون على تدقيق الحسابات والعمليات الخاصة بالمصارف الإسلامية لضمان التزامها بالشريعة. يرى أشعر ناظم مدير خدمات التمويل الإسلامي في "أرنست آند يونج" أنه "سيكون لهذا أثر إيجابي نظرا لأنه سيكون هناك الكثير من القدرة على ترتيب أوضاع البيت من الداخل". وأضاف ناظم "في الوقت الحالي يتمثل أكبر تهديد للأنشطة المصرفية الإسلامية في مصداقية النظام القائم".