أثار قيام مصرف قطر المركزي مؤخرًا بتوجيهاته للمصارف التقليدية القطرية التي لديها فروع مصرفية إسلامية ومطالبتها بعدم فتح أي فروع إسلامية جديدة والتوقف عن قبول المزيد من الودائع الإسلامية, ردود أفعال واسعة حول هذه الخطوة في الوقت الذي لايفصل فيه القانون التجاري والنظام المصرفي في المملكة بين المصرف التقليدي والإسلامي ولكن ينظر إليهما على أساس أنهما شخصية اعتبارية سعودية واحدة تعمل في نظام مصرفي واحد . وأشار مصرفيون في حديثهم ل " الرياض " في تعليقهم عن الوضع المصرفي في المملكة بأنه مختلف تماما عن الوضع في قطر إذ إن عمليات بعض البنوك القطرية المتوافقة مع الشريعة مثل بنك قطر الوطني لا تمثل أكثر من 10 %من مجمل عملياتها، واعتبروا أن ذلك لا يشكل أثراً كبيراً وقد لا يؤثر بشكل ملحوظ. في حين إن الأمر مختلف تماما في المملكة، حيث تبلغ عمليات بعض البنوك نسبة قد تتجاوز 50% . د. محمد الجديد وقال الدكتور صلاح الشلهوب مدير مركز التميز للدراسات المصرفية والتمويل الإسلامي انه خلال الفترة القصيرة الماضية دخلت البنوك التقليدية منافسا بشكل كبيرا للبنوك الاسلامية في تقديم خدمات مشابهة للخدمات والمنتجات التي تقدمها البنوك الاسلامية، وتوسعت هذه البنوك في ذلك في مختلف دول العالم لكسب شريحة كبيرة تفضل التعامل بالمنتجات المتوافقة مع الشريعة حتى أنها بلغت عمليات بعض البنوك المتوافقة مع الشريعة فيما يتعلق بتمويل الأفراد ما يزيد على 80%، في حين أنها تبلغ نسبة عالية في تمويل الشركات قد تفوق في بعض البنوك ال60%، وتطور ذلك إلى أن بعض البنوك أصبحت تفضل التحول إلى بنوك إسلامية بالكامل، حيث أنها تجد في هذا التحول فرصة اكبر لاستقطاب شريحة كبيرة ومؤثرة من الأفراد والشركات. وتابع فيما يتعلق بما صدر مؤخرا في قطر، لا يزال الكثير من المراقبين يتطلع إلى معرفة الأسباب وهل تعود إلى تجاوزات تقع فيها هذه البنوك التقليدية التي تقدم منتجات متوافقة مع الشريعة، مع صعوبة الرقابة عليها. أم إن هناك أسبابا أخرى تنظيمية جعلت من البنك المركزي القطري يصدر هذا القرار. وأشار إلى أنه على مستوى العالم فإن الكثير من البنوك الكبرى والمؤسسات المالية العالمية تقدم منتجات متوافقة مع الشريعة من خلال نوافذ لها مثل بنك اتش اس بي سي، حيث يقدم المنتجات المتوافقة مع الشريعة من خلال فروعه التي أطلق عليها أمانة، كذلك نجد إن هذا ممارس في بنوك أخرى عالمية. وقال من المؤكد انه خلال الفترة القادمة سيشهد التمويل الإسلامي حضورا اكبر في مؤسسات جديدة أو من خلال إنشاء نوافذ داخل مؤسسات مالية تقليدية قائمة. ولفت إلى انه من الناحية الشرعية لا يوجد فيما يظهر ما يمنع من وجود فروع إسلامية لبنوك تقليدية قائمة، بل إن الكثير من العلماء والخبراء يرحبون بمثل هذه الخطوات كنوع من إيجاد فرص اكبر للمسلم للاستفادة من هذه الخدمات، فعلى سبيل المثال في أوروبا نجد أن الكثير من أفراد الأقليات المسلمة هناك فاتته الكثير من الفرص لتملك مسكن بسبب عدم وجود تمويل متوافق مع الشريعة. ولذلك يتطلع الكثير منهم إلى وجود فروع للمؤسسات المالية تقدم منتجات وخدمات متوافقة مع الشريعة. وأبان انه فيما يتعلق بالجانب التنظيمي فان الكثير من البنوك اليوم حول العالم تقدم هذه الخدمات دون إن يكون هناك أشكال فعلي في إنشاء هذه الفروع وعملها، إلا أنها تواجه إشكالا في الجانب التشريعي تتساوى فيه مع البنوك الاسلامية نفسها. وذلك بسبب إن التشريعات المالية العالمية في غالبها لم تصمم لتراعي في تعاملاتها الشريعة الاسلامية. وأضاف انه فيما يتعلق بالوضع في المملكة فانه مختلف تماما عن الوضع في قطر إذ إن عمليات بعض البنوك القطرية المتوافقة مع الشريعة مثل بنك قطر الوطني لا تمثل أكثر من 10 %من مجمل عملياتها، وهذا لا يشكل أثرا كبيرا جدا وقد لا يؤثر بشكل ملحوظ. في حين إن الأمر مختلف تماما في المملكة، حيث تبلغ عمليات بعض البنوك نسبة قد تتجاوز 50%. إضافة إلى الإقبال الكبير للأفراد والشركات على التمويل الإسلامي. وأوضح الشلهوب بأن قرارا من هذا النوع قد يؤدي إلى تغيرات جذرية في السوق قد تؤدي إلى تحول بعض البنوك عملياتها بالكامل إلى عمليات متوافقة مع الشريعة، في حين إن البعض الآخر قد يؤدي به الاقتصار على المنتجات التقليدية إلى فقد فرص كبيرة في السوق وانخفاض في الأرباح. من جهته قال الدكتور محمد الجديد أن ما صدر من مصرف قطر المركزي مؤخرًا من توجيهات للمصارف التقليدية القطرية تعتبر خطوة تتماشى مع السياسة المصرفية القطرية ومن الأهمية بمكان النظر إليها دون معزل عن القانون والنظام المصرفي في دولة قطر و قبلهما جميعا رؤية قطر المستقبلية في ما تستهدفه من مكانة ذات سمات محددة في خريطة الاقتصاد العالمي. وأكمل بان الأسس التي بنيت عليها توجيهات مصرف قطر المركزي تنقسم إلى أساسين. الأساس الأول يتعلق بالإشراف والرقابة على عمليات المصارف التقليدية و الاسلامية القطرية، و الأساس الثاني يتعلق بالسياسة النقدية المتبعة في دولة قطر. وأضاف إن القانون التجاري والنظام المصرفي في قطر يفصلان بين المصارف التقليدية والاسلامية من خلال إعطاء تعريف مستقل لكل منهما. و بالتالي، فإن كلا النوعين من المصارف لهما شخصية اعتبارية مستقلة تعملان ضمن نظام مصرفي واحد. وهذا ما لاينطيق على القانون التجاري والنظام المصرفي في المملكة وقبلهما جميعا رؤية المملكة المستقبلية في ما تستهدفه من مكانة ذات سمات محددة في خريطة الاقتصاد العالمي تختلف عن مثيلتها القطرية. ونوه بان القانون التجاري والنظام المصرفي في المملكة لا يفصلان بين المصرف التقليدي والإسلامي و لكن ينظران إليهما على أساس أنهما شخصية اعتبارية سعودية واحدة تعمل في نظام مصرفي واحد. وبناء على ذلك، فإنه من الأهمية عند مقارنة ماحدث في القطاع المصرفي القطري مع مثيله السعودي التأكيد على طبيعة شخصية المصرف في القانون التجاري و النظام المصرفي في دولة المنشأ. مع الأخذ في عين الاعتبار التباين بين طبيعة شخصيات المصارف في قطر مع مثيلاتها في المملكة ، والأساس الأول يتعلق بالإشراف والرقابة على عمليات المصارف التقليدية والاسلامية القطرية. وواصل حديثه بقوله " يمكن النظر إلى هذه الأساس من منطلق أن وجود شخصيتين مستقلتين يعملان ضمن نظام مصرفي واحد مع السماح لكل شخصية بتقديم منتجات وخدمات مثيلة لما تقدمه الشخصية الأخرى أدى إلى الخلط بين نوعين متباينين من الموجودات والمطلوبات في المصرف الواحد مما أدى إلى تعقيد قيام مصرف قطر المركزي بتنفيذ عمليات إدارة المخاطر و مراقبة التقارير المالية وكفاية رأس المال والاستقرار النظام. و هذه الطبيعة لا تنطبق على حالة النظام المصرفي السعودي بسبب ماذكر مسبقا من التوحيد في شخصيات المصارف الاعتبارية السعودية. وقال الدكتور الجديد إن الأساس الثاني يتعلق بالسياسة النقدية وما سببته عملية الخلط بين تقديم المنتجات المصرفية الاسلامية من قبل المصارف الاستثمارية في أن أدوات السياسة النقدية المتاحة لمصرف قطر المركزي في ظل الخلط القائم حاليًا بين عمل المصارف التقليدية و الإسلامية والتي تواجه الكثير من التحديات مما يعوق الاستخدام الأمثل لتلك الأدوات، و ينعكس بالسلب على أداء السياسة النقدية، ويؤثر في فعاليتها، ويوقف عملية تطوير المنتجات التقليدية بسبب توظيف موارد المصارف التقليدية لتطوير منتجات إسلامية. وأشار إلى أن هذه التحديات لا ننكر وجودها في القطاع المصرفي السعودي إلا أنها ثانوية بسبب التوحيد في شخصيات المصارف الاعتبارية السعودية.