دولة الحريات ومصدر الديمقراطية خرجت على العالم؛ لتكشف عن سوأتها، وتعلن حجم التعذيب والممارسات الوحشية التي ارتكبت بحق المعتقلين في عقب أحداث 11 سبتمبر، معتبرة أنها بهذا الاعتراف قد طهرت نفسها. وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ذهب لأكثر من ذلك، إذ اعتبر هذا الاعتراف يدلل على قوة نظامهم "الديمقراطي"، مدعياً أن دولته قد طوت هذه الصفحة ولن تعود لها. وسائل وحشية لاستجواب المعتقلين وذكر التقرير، الذي أصدرته لجنة المخابرات بمجلس الشيوخ الأمريكي، بعد تحقيق دام 5 سنوات، عدداً من الوسائل الوحشية التي استخدمتها ال"سي آي إيه" في استجواب المعتقلين، من بينها ما قامت به مع معتقلها الأول أبو زبيدة (وهو مواطن سعودي محتجز في معتقل جوانتانامو الأمريكي، ويعتقد أنه عضو بتنظيم القاعدة) وآخرين، حيث استخدمت أساليب كصفعهم، وضربهم للحائط بشكل يجمع ما بين الأسلوبين، إلى جانب حرمانهم من النوم وتعريتهم. ولفت "التقرير" إلى أن وكالة الاستخبارات المركزية استخدمت أيضاً أسلوب الإيهام بالغرق، الذي وصفه التقرير بأنه كان "ضاراً من الناحية الجسدية، وتسبب في تشنجات وقيء لعدد من المعتقلين". وضرب التقرير مثالاً بأبو زبيدة الذي أصبح "لا يستجيب تماماً (للمحققين)، مع خروج فقعات من فمه". كما دلل على أضرار أسلوب الإيهام بالغرق بما حدث لخالد شيخ محمد (وهو مواطن كويتي سجين لدى الولاياتالمتحدة، ويعتقد أنه من أبرز قادة تنظيم القاعدة)، واصفة ما تعرض له بأنه ليس مجرد إيهام، ولكنه "قارب الغرق". ومن بين الأساليب، الحرمان من النوم، وإبقاء المعتقلين مستيقظين لمدة تصل إلى 180 ساعة، عادة ما يكونوا واقفين في أوضاع مجهدة، وفي بعض الأحيان تكون أيديهم مقيدهم فوق رؤوسهم، فضلاً عن الاعتداءات الجنسية، والإذلال. وبحسب تقرير الكونجرس، فقد تم تهديد معتقل واحد بواسطة مقدح كهربائي، في حين أخضع 5 معتقلين، على الأقل، بالقوة لعمليات "تزويد بالسوائل عن طريق الشرج"، وفي إحدى الحالات تم إدخال الطعام إلى جسم المعتقل عن طريق الشرج. وأشار "التقرير" إلى أن هناك أساليب استجواب أخرى لم تعلنها "الوكالة" في تقاريرها، مثل: تعرية المشتبه بهم، وتعريضهم لدرجات حرارة منخفضة، واستخدام المياه الباردة والضرب، وكذلك المنع من دخول الحمام لقضاء الحاجة. والتقرير المنشور هو ملخص لتقرير أطول مكون من 6700 صفحة، كشف أن 26 من أصل 119 معتقلاً من قبل السي آي إيه لم تتوفر فيهم معايير الاعتقال. الكونجرس يفضح ال"CIA" من جهتها، قالت رئيسة لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ الأمريكي، ديان فينستين، خلال عرضها التقرير "بحثنا 6 ملايين و800 ألف وثيقة متعلقة ببرنامج الاستجواب". وقالت "سي آي إيه قدمت معلومات غير دقيقة بشأن البرنامج، ومدى فعاليته للبيت الأبيض، ووزارة العدل، والكونجرس، ووسائل الإعلام". وأضافت: "برنامج السي آي إيه" كان مختلفاً تماماً عن الصورة التي تم إيصالها للشعب الأمريكي". ولفتت إلى بعض أهم النتائج في التقرير، وقالت: إنها أثبتت "عدم نجاح وفعالية البرنامج"، وأن أساليبه "لم تكن فعالة" للحصول على تعاون الموقوف. وكان عدد من قيادات أجهزة الاستخبارات الأمريكية، قالوا في وقت سابق على صدور التقرير: إن برنامج الاستجواب كان فعالاً، وأحبط عدداً من "المخططات الإرهابية". فيما أظهر تقرير مجلس الشيوخ الأمريكي، بشأن استجواب وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، لمشتبه بهم عقب أحداث 11 سبتمبر 2011، أن استخدام التعذيب في استجواب المعتقلين، لم يكن وراء نجاح القوات الأمريكية في قتل زعيم تنظيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن، بحسب "الأناضول" وعلى العكس تماماً، حسب التقرير، فإن المعلومات التي حصلت عليها "سي آي إيه" حول بن لادن، أو أحمد الكويتي، الذي يوصف بمرسال بن لادن، والذي قاد إلى مخبئه، جاءت قبل استخدام الوكالة لأساليب استجواب مع المعتقلين، وصفها التقرير بأنها "وحشية". ردود أفعال غاضبة وتوالت ردود الأفعال العالمية الغاضبة، وخاصة من جهات حقوقية بعد تقرير الكونجرس، الذي فضح فيه عمليات التعذيب الممنهجة من قبل السي آي إيه للمعتقلين، حيث نددت منظمة هيومان رايتس ووتش بتلك التجاوزات والتعذيب، وأكدت أن: "التقرير" يتحدث عن جرائم لا يمكن تبريرها. وقالت المنظمة: إن تلك الأعمال تدعو إلى ضرورة التذكير بالمعايير التي يجب اتباعها لحماية المعتقلين. وحذرت "المنظمة" من أن يكون التعذيب أحد الخيارات المتبعة للرؤساء الأمريكيين في المستقبل. وعلى صعيد متصل، طالبت منظمة أطباء لحقوق الإنسان، بمحاسبة الأطباء الذين اشتركوا مع وكالة الاستخبارات الأمريكية في تعذيب المعتقلين. وأضافت "المنظمة": أن الأطباء قاموا بدور محوري في ما وصفته بالاعتداءات الوحشية، وتحديدِ أساليب التعذيب، بما في ذلك التقنية التي تلحق أذى شديداً نفسياً وبدنياً بالمعتقلين. كما قال المقرر الخاص للأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب، بن إيمرسون: إنه يجب ملاحقة المسؤولين الأمريكيين الكبار في إدارة الرئيس السابق جورج بوش، الذين خططوا وأجازوا ارتكاب جرائم، وكذلك مسؤولي الاستخبارات المركزية الأمريكية، ومسؤولين آخرين بالحكومة اقترفوا عمليات تعذيب.