يُحكى أن عجوزاً فقيرة كانت تتسول الناس في قريتها التي تسكنها، فاجتمع لديها مبلغ من المال لم تكن تحلم به، فاستشارت بعض جيرانها، فأخبروها بأن عليها أن تستشير شخصاً يقال له "أبو الفوائد"، فعرضت عليه الأمر، وطلب منها أن تمهله أسبوعاً؛ كي يبدي لها رأيه، وأخبرها بأنه يأخذ من الناس عادة مبلغاً من المال مقابل أي استشارة حتى لو كانت تتعلق بطهارة الأطفال، أو الأدوية الشعبية، ولكنه لا يريد منها إلا الدعاء والأجر من الله، وبعد نهاية المدة قرر "أبو الفوائد" أن أنسب شيء يمكن لها به أن تستثمر أموالها هو أن تقوم بهدم سور الدار، وإعادة بنائه من جديد! شكرت العجوز "أبو الفوائد"، وقالت: كأنك يا بوزيد ما غزيت! هذه القصة تذكرني – طبعاً مع الفارق في التشبيه – استعدادات "البنك الأهلي" منذ سنوات للطرح، حيث كان الجميع ينتظر أسلمة أنشطة البنك، ولكن يبدو أنه اختار طريقة "أبو الفوائد"، حيث قام بتغيير شعار البنك، وإضافة شيء من "الزخارف الإسلامية" التي يبدو أنها لم تكن كافية لتمرير اكتتابه على البسطاء من النّاس، وهذا يكشف لنا أن بنوكنا بفوائدها في واد والنّاس في واد! وهذا يبدو – جلياً – من اكتتاب "البنك الأهلي"، حيث شعرنا أنه لم يكلف نفسه بدراسة السوق وتوجهات النّاس فيه، ولا بدور الإعلام الحديث في صناعة الخبر، واكتفى بسمعة البنك وحاجة السوق الحالية له، وهذا لا يكفي فأكثر الناس لم يكن لديهم دراية بأنه بنك ربوي، ولكن العقلية "الاحتكارية" التي تديره فضحته، ولم تلتفت إلى ما يمكن أن يخسره البنك مستقبلاً؛ حتى وإن أفتى لهم المفتون، أو زخرف لهم المزخرفون، إن ما حصل في اليومين الماضيين هو نوع من الاستفتاء على شرعية بنوكنا، وحاجات السوق، فالشاطر منهم وصلته الرسالة.. عموماً نبارك للبنوك التي امتنعت من قبول استمارات الاكتتاب بالأموال القادمة لها من البنوك الربوية .