استمر الجدال في السعودية حول طرح أسهم "البنك الأهلي" للاكتتاب بين محلل ومحرّم لشراء تلك الأسهم في الطرح الذي قد يكون الأكبر بتاريخ السوق السعودية، وبرز في السياق أيضا تعليقات حول الأبعاد السياسية للخطوة التي رأى البعض أنها تصل إلى حد تحديد حجم التيار الإخواني بالمملكة. وبحسب "CNN بالعربية"، قال عضو هيئة كِبار العلماء والأستاذ بكلية الشريعة، الشيخ سعد الخثلان، إنه بعد الاطلاع على نشرة الإصدار التي أعلنتها هيئة السوق المالية وتحليلات المختصين والخبراء، تبيَّن أن البنك "يشتمل على نسبة كبيرة من القروض والتمويلات المحرَّمة وسندات دين بفوائد ربوية" مضيفا أنه يرى بأن الاكتتاب فيه "محرَّم". وتابع الخثلان بالقول: "أناشد المسؤولين في وزارة المالية وهيئة السوق المالية تأجيل طرح الاكتتاب فيه حتى تتم معالجة الإشكالات الشرعية، خاصة أن البنك قد توجه توجهاً مشكوراً إلى تحويل كثير من التعاملات التقليدية إلى تعاملات شرعية، وليس من المناسب طرح ربع أسهمه للاكتتاب حالياً ولم تُستكمل عملية التحويل بعد" وفقا لتصريح نقله عنه موقع "سبق"، وأعاد الخثلان تغريده على حسابه في تويتر. وبهذه الفتوى، ينضم الخثلان إلى عدد من رجال الدين الذين شككوا في شرعية الاكتتاب، وعلى رأسهم يوسف الشبيلي ومحمد العصيمي وسليمان الماجد. كما كان للداعية البارز عبدالعزيز الفوزان رأي قاله في مقابلة تلفزيونية ذكر خلالها أن الدولة السعودية أرادت من الاكتتاب مصلحة المواطنين، نظرا لكون البنك من أكبر البنوك السعودية لجهة رأس ماله وعدد فروعه مضيفا: "ولكن المشكلة التي تكدر هذا الأمر، وقد طرحناه مع المسؤولين، أنه إذا أردنا نفع المواطنين فيجب أن يُخلص البنك من التعاملات الربوية المحرمة، وأتعجب من الإصرار على هذه المعاملات المحرمة. لدى البنك 140 مليار ريال كلها سندات ربوية والعياذ بالله فكيف يجوز للناس الاكتتاب بالبنك وهذا هو حال؟ وكيف نريد نفع المواطنين ونحن نجرهم إلى الحرام جرا؟" وتأتي هذه التطورات مع بدء العد العسكري لطرح الاكتتاب على الأسهم التي تقدر ب500 مليون سهم تمثل ربع رأس مال البنك خلال الفترة ما بين 19 أكتوبر/تشرين الأول حتى الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، والتي سيخصص منها 300 مليون سهم للأفراد السعوديين بسعر بيع يبلغ 45 ريال للسهم. وكان الشيخ عبد الله بن سليمان المنيع، عضو هيئة كبار العلماء والمستشار بالديوان الملكي السعودي، ورئيس اللجنة الشرعية للمصرفية الإسلامية للبنك الأهلي، قد أصدر بيانا في أغسطس/آب الماضي، أكد فيه أنه لم يصدر منه منفرداً أو مشتركاً مع أعضاء الهيئة الشرعية قرارٌ ولا فتوى بجواز تبادل أسهم البنك ولا بجواز الاكتتاب في أسهم بعد طرحها، ولا بعدم جواز. وأضاف المنيع في بيانه آنذاك أن المصرفية الإسلامية في البنك "أخذت شوطاً متميزاً عن غيرها من المصرفيات الإسلامية في البنوك المحلية التقليدية من حيث التقيد بقرارات وتوصيات وتوجيهات الهيئة الشرعية" كما أشار إلى أن البنك قام "بتحويل كامل فروعه البالغة أكثر من أربعمائة فرع إلى مصرفيات إسلامية. ولم يكن هذا في أي بنك تقليدي محلي." وختم المنيع بالقول إن المصرفية الإسلامية للبنك بدأت قبل خمسة عشر عاماً من الصفر، ووصلت إلى قرابة 50 في المائة من نشاط البنك حاليا، مكررا نفيه إصدار فتوى بشأن القضية. وفي سياق متصل، برز مقال للكاتب السعودي، جاسر الجاسر، في صحيفة الحياة قال فيه إن الاكتتاب "أيقظ مجدداً جدلاً يقسم المؤسسات المالية في البلد إلى فسطاطين: ربوي وإسلامي" مضيفا أن المصرف الذي اشتهر بأنه "سر الحكومة وموطئ نفوذها" سينافس في اكتتابه الاستثمار في قناة السويس في "إبراز الولاء والثقة." وتابع الكاتب بالقول إن للقضية أبعاد سياسية موضحا: "اكتتاب البنك الأهلي سيسقط الأقنعة الصحوية أو يربك السعودية، فلا دليل سواه على النجاة أو المصيبة. هو جانب أولي للرهان على المستقبل وتأكيد الوطنية. هو امتحان توجه السعوديين والتعرف إلى بوصلتهم، فإن خابت السعودية في ذلك أكدت أنها دار الصحوة ومحطتها التي تفوق مصر وقطر وتركيا، وإن نجحت برهنت على أن أزمة الصحوة علامة على يقين الحكومة وسعة وعيها وقدرتها على تجاوز أزماتها، وأن الإخوان وأحلافهم وأتباعهم، رسمياً وشعبياً، مجرد نتاج حالة الارتخاء والثقة والقدرة على الانتفاض."