انتهت لجنة تقصي الحقائق في أحداث قتل المتظاهرين خلال ثورة 25 يناير/ كانون الثاني الماضي، إلى أن القناصة الذين أطلقوا النار على المتظاهرين من ضباط قسم "مكافحة الإرهاب"، التابع لجهاز أمن الدولة "المنحل"، الذي كان يتبع وزارة الداخلية المصرية. وفيما لم يتضمن تقرير اللجنة أسماء مسؤولين بعينهم أصدروا الأوامر بضرب المتظاهرين بالرصاص الحي، فقد أكد أمين عام اللجنة، عمر مروان، أن مثل هذه الأوامر لا تتخذ إلا بموجب "قرار واضح من رئيس الجمهورية"، في إشارة إلى الرئيس السابق، حسني مبارك. وتساءل مروان، خلال مؤتمر صحفي عقده في وقت متأخر بعد ظهر الثلاثاء، لإعلان التقرير النهائي للجنة تقصي الحقائق، عن الأسباب التي دفعت الرئيس السابق إلى عدم محاسبة وزير الداخلية الأسبق، حبيب العادلي، بعد ثبوت إطلاق النار على عشرات المحتجين. وذكر التقرير، بحسب ما نقل موقع "أخبار مصر"، التابع لاتحاد الإذاعة والتلفزيون الرسمي، أن عدد "شهداء" ثورة 25 يناير، يبلغ 846، بالإضافة إلى ما يقارب 6500 جريح، وأشار إلى أن عدد كبير من أسر الضحايا كان يخشى الإبلاغ عن تعرض ذويهم لإطلاق نار، حتى لا يتعرضوا للاعتقال. كما أفادت اللجنة بسقوط 26 قتيلاً من ضباط وأفراد الشرطة، خلال الفترة من 25 يناير/ كانون الثاني وحتى التاسع من فبراير/ شباط التالي، أي قبل يومين من إعلان قرار مبارك بالتنحي عن السلطة وتولي المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شؤون البلاد. وأوضح مروان أن السيارات التي استخدمت في عمليات دهس المتظاهرين "تم تفكيكها وتغيير معالمها تماماً"، مشيراً إلى أن اللجنة توصلت إلى سيارتين تم تسليمهما إلى الجيش، لكن المفاجأة أن "شاسيه السيارة" لم يتم من خلاله التعرف على صاحبها، وذلك بعد سؤال الجمارك وإدارة المرور. وقال أمين عام اللجنة إن عملية قطع الاتصالات تمت بعد عقد اجتماع منظم من ممثلين عن وزارة الداخلية، وشركات المحمول الثلاثة، انتهى إلى تشكيل لجنة لقطع الاتصالات إذا اقتضى الأمر، وهو ما حدث بالفعل. ولفت التقرير إلى أن قطع الاتصالات عن طريق شبكات الهواتف المحمولة والإنترنت، والتشويش على القنوات، التي كانت تبث من قلب الأحداث أنباءً وأقوالاً تشجع الثائرين وتحفز المتابعين، كان مقصوداً، لحجب الأخبار عن المواطنين وعن العالم، ولإعاقة المتظاهرين، حتى يحد من توافدهم على أماكن التجمهر، ويقلص التنسيق فيما بينهم. وحول عمليات هروب المساجين، كشف مروان أن عملية فتح السجون والاعتداء علي المساجين لم تخرج عن طريقتين، الأولى أن هناك بعض العناصر المدربة من الخارج اقتحمت السجون، وهربت مساجين بعينهم من سجني "أبو زعبل" و"المرج"، اللذين يضمان متهمين ينتمون ل"حزب الله" و"حماس"، مدللاً على ذلك بقوله: "رأيناهم بعد 6 ساعات على شاشات التلفزيون من غزة." أما الطريقة الأخرى، فتمت بشكل عشوائي، بعد أن تم في بعض السجون حالات شغب من المساجين، لمحاولة الهرب، وضرب مثلاً بمقتل اللواء محمد البطران، رئيس سجن "القتا"، حيث تبين للجنة أن قتله لم يكن متعمداً، بل تم أثناء محاولته للخروج من باب السجن، فتدافع حوله المساجين لاقتناص الفرصة للهروب، مما اضطر إلى فتح النار من الأبراج لإبعاد المساجين، فسقط البطران جراء هذه النيران. إلى ذلك، أكد مروان أن انسحاب الشرطة تم بعضها بطريقة "عشوائية"، نظراً لانقطاع الاتصالات يوم 28 يناير/ كانون الثاني الماضي، غير أن البعض الآخر تم بطريقة "متعمدة"، حيث تبين للجنة من بعض الشرائط المصورة التي حصلت عليها من شهود عيان، أن هناك مجموعة من الضباط انسحبوا من الشارع بشكل منظم. وأضاف أمين عام لجنة تقصي الحقائق أن هناك العديد من المتورطين في أحداث الأربعاء 2 فبراير/ شباط الماضي، والمعروفة إعلامياً ب"موقعة الجمل"، لم يمثلوا للتحقيق حتى الآن، دون أن يكشف عن هوية هؤلاء الأشخاص. وأضاف أن اللجنة سلمت تقريرها النهائي بشأن الأحداث التي واكبت "ثورة 25 يناير"، إلى النائب العام المستشار الدكتور عبد المجيد محمود، ووزير العدل المستشار محمد عبد العزيز الجندي.