فتحت نتيجة تحقيق لجنة تقصي الحقائق بشأن أحداث ثورة 25 يناير، الباب لتوجيه اتهام إلى الرئيس السابق محمد حسني مبارك لمسؤوليته عن قتل المتظاهرين في 28 يناير عندما أشارت اللجنة إلى أن وزير الداخلية السابق حبيب العادلي تلقى موافقة الرئيس مبارك على (قنص) المتظاهرين. وأكّد التقرير الختامي للجنة تقصي الحقائق بشأن أحداث ثورة 25 يناير، أنّ الشرطة استعملت القوة المفرطة في مواجهة التظاهرات، مستدلاً بكثرة أعداد القتلى والناتجة في معظمها عن إصابات بالرصاص في الرأس والصدر، بما يدل على استخدام التصويب والقنص. وأشار التقرير الذي نشرته وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الرسمية، إلى أنّه ثبت من واقع التقارير الطبية الرسمية وغير الرسمية أنّ عدد الوفيات في أحداث الثورة 864 قتيلاً على الأقل؛ فيما تخطت الإصابات 6467 حالة حتى 16 فبراير الماضي، فضلاً عن مقتل 26 ضابطًا ومجندًا من الشرطة خلال الفترة من 25 يناير وحتى 9 فبراير الماضي. وقال أمين عام اللجنة المستشار عمر مروان الثلاثاء في مؤتمر صحفي بمناسبة الإعلان عن ملخص تقرير اللجنة: (المؤكد أن وزير الداخلية -السابق حبيب العادلي- لا بد أن يحصل على موافقة مبارك على إطلاق الرصاص على المتظاهرين). وأضاف مروان أن إطلاق الرصاص (استمر عدة أيام ومع ذلك لم يقم الرئيس السابق بمحاسبة من قاموا بإطلاق النار بما يؤكد اشتراكه معهم في المسؤولية). وأضاف تقرير لجنة تقصي الحقائق برئاسة المستشار عادل قورة، الرئيس الأسبق لمحكمة النقض، أنّ الطلقات النارية والخرطوش الّتي أطلقتها الشرطة أصابت أشخاصًا كانوا يتابعون الأحداث من شرفات ونوافذ منازلهم، إضافة إلى دهس سيارات الشرطة المصفحة عن عمد بعض المتظاهرين. ولفت التقرير إلى أنّ قطع الاتصالات عن طريق شبكات الهواتف المحمولة والإنترنت والتشويش على القنوات التي كانت تبث من قلب الأحداث أنباء وأقوالا تشجع الثائرين وتحفز المتابعين كان مقصودًا لحجب الأخبار عن المواطنين وعن العالم، ولإعاقة المتظاهرين حتَّى يحد من توافدهم على أماكن التجمهر ويقلص التنسيق فيما بينهم. وذكر التقرير أنّه تأكد للجنة تقصي الحقائق من واقع أقوال الشهود ومقاطع الفيديو المصورة، أنّ بعضًا من رموز الحزب الحاكم وأعضاء البرلمان وبعض رجال الشرطة خاصة من المباحث الجنائية قد دبروا المسيرات المؤيدة للرئيس السابق حسني مبارك، والتي انتهت بالاعتداء المكثف على المتظاهرين السلميين بميدان التحرير، والتي استخدمت فيها (الجمال والخيول) التي تجرها العربات وقطع الحجارة، والهراوات والأسلحة البيضاء والنارية وقنابل المولوتوف الحارقة. وقال ملخص التقرير إن مشروع توريث رئاسة البلاد من الرئيس السابق حسني مبارك إلى نجله جمال، يُعد أحد أهم الأسباب التي قامت بسببها الثورة، مشيرًا إلى أنّه على الرغم من أنّ كل الظروف كانت تنبىء بتمرير سيناريو التوريث، متمثلة في أغلبية برلمانية كاسحة ورأي عام عالمي لا يعارض الفكرة.. غير أنّ المشروع كان مرفوضًا جماهيريًا ومن النخبة المثقفة، فضلاً عن أنّه كان لا يلق ترحيبًا من المؤسسة العسكرية لعلمها بحالة الفساد الكبيرة والتي استشرت في البلاد. وأشار التقرير إلى أنّ التزوير الفاضح لانتخابات مجلس الشعب، والتي كانت قد جرت في نهاية العام الماضي بحصول الحزب الحاكم على قرابة 97 % من المقاعد، بما حمله من تناقض مع واقع الشعب المصري، ساهم في إشعال شرارة الاحتجاجات واندلاع الثورة ضد نظام الرئيس السابق حسني مبارك. وشدّد التقرير على أنّ الفساد المالي والإداري والسياسي والتضليل الإعلامي بالترويج لديمقراطية نظام الحكم على عكس ما كان يتم على أرض الواقع، وإقصاء الكفاءات أوجد مناخًا متدهورًا، أفقد الإعلام الحكومي إبان الثورة مصداقيته، وأصبح معه عاجزًا عن تكوين رأي عام صحيح. وأكّد التقرير في توصياته أنّ الدستور 1971 المصري أعطى صلاحيات مطلقة كان من شأنها أن خلقت ديكتاتورًا محصنًا من أي عقاب أو مسئولية بغض النظر عن أية جرائم يرتكبها في حق الوطن. وفي تطور أخر، قال النائب العام المصري أن نائب الرئيس السابق عمر سليمان سيجري التحقيق معه بشأن قمع المظاهرات. وتم استدعاء سليمان، الذي ترأس جهاز المخابرات المصري لفترة طويلة، للإدلاء بشهادته حول (المعلومات التي لدى أجهزة المخابرات حول أحداث ثورة 25 يناير)، حسب ما جاء في بيان لمكتب المدعي العام. وتم استجواب سليمان بشأن (قتل المحتجين في مظاهرات سلمية وحول ثروة الرئيس السابق وعائلته). وكان النائب العام المصري قرر الأربعاء الماضي حبس مبارك ونجليه علاء وجمال 15 يوما على ذمة التحقيقات في الاعتداءات على المتظاهرين. وتم التحفظ على الرئيس السابق تحت الحراسة في مستشفى شرم الشيخ لأسباب صحية ولم توجه له بعد أي تهم رسمية بالمسؤولية عن قتل المتظاهرين. وتجري حاليا محاكمة وزير الداخلية المصري السابق حبيب العادلي بتهمة إصدار الأوامر بإطلاق النار على المتظاهرين.