— متابعة — سعيد آل هطلاء — الرياض أوضح مدير مركز الفلك الدولي المهندس محمد شوكت عوده أن السماء تشهد في هذه الفترة ظهور مذنبين استثنائيين، الأول أصبح لامعا ويمكن رؤيته بالعين المجردة بعد غروب الشمس في جهة الغرب، ويسمى المذنب "تسوشينشان-أطلس" (Tsuchinshan–ATLAS)، ويحمل الرقم (C/2023 A3)، وقد اكتشف هذا المذنب يوم 9 يناير 2023م من قبل مرصد فلكي في الصين وبشكل مستقل بعد ذلك من قبل أحد مراصد شبكة أطلس الواقع في جنوب أفريقيا. وأما الثاني فهو المذنب "أطلس" (ATLAS)، ويحمل الرقم (C/2024 S1)، وقد تم اكتشافه يوم 27 سبتمبر 2024م من قبل أحد مراصد شبكة أطلس الواقع في ولاية هاواي في الولاياتالمتحدة. وبالنسبة للمذنب الأول، فقد كانت الحسابات الأولية تشير إلى أنه يدور حول الشمس مرة واحدة كل 80 ألف سنة، إلا أن الحسابات الأحدث بينت أنه يحتاج إلى ملايين السنين ليكمل دورة واحدة حول الشمس. مما يجعل زيارته هذه هي الأولى للبشرية! وقد كان مشاهدا خلال الأشهر الماضية في جهة الشرق قبل شروق الشمس، إذ أصبحت رؤيته ممكنة بواسطة التلسكوبات الصغيرة اعتبار من شهر إبريل الماضي، وبعد ذلك أخذ لمعانه بالازدياد إلى أن أصبح مرئيا باستخدام المناظير في شهر أغسطس الماضي، واستمر لمعانه بالازدياد إلى أن أصبح مرئيا بالعين المجردة من الأماكن المظلمة مع نهايات شهر سبتمبر، وذلك في الفترة التي وصل فيها المذنب إلى أقرب نقطة من الشمس يوم 27 سبتمبر الفائت، حيث إن طول ذيل المذنب ولمعانه يزدادان عندما يقترب المذنب من الشمس. وفي يوم 07 أكتوبر اقترن المذنب مع الشمس، وعند الاقتران يكون المذنب في أقرب مسافة ظاهرية من الشمس، حيث وقع يومها على مسافة 3.5 درجة فقط منها، وتشير التقديرات إلى أنه كان يلمع حينها بالقدر سالب 4.9، مما جعله واحدا من ألمع المذنبات في هذا القرن، وقد تمكن مرصد الختم الفلكي من تصوير المذنب في وضح النهار وقت الاقتران، وهذه ظاهرة نادرة إذ أن ضياء الشمس يحجب الأجرام السماوية أثناء النهار. وتشير الأرصاد إلى أن لمعانه أصبح يوم 10 أكتوبر من القدر سالب 4. وسيقع المذنب على أقرب مسافة من الأرض يوم السبت 12 أكتوبر في الساعة 15:18 بالتوقيت العالمي، حيث سيقع يومها على مسافة 71 مليون كم من الأرض. وبعد اختفاء المذنب في وهج الشمس لأيام قليلة، يبدأ بالظهور في جهة الغرب بعد غروب الشمس اعتبارا من يوم 11 أكتوبر، ويومها كان قريبا جدا من الأفق بعد الغروب مما جعل رؤيته صعبة، ولكن مع مرور الأيام سيزداد ارتفاعا لتصبح رؤيته ممكنة بشكل سهل نسبيا اعتبارا من يوم 13 أكتوبر، ولكن تجدر الملاحظة إلى أن لمعان المذنب بدأ بالنقصان اعتبارا من يوم الاقتران، فهو حاليا يلمع بالقدر صفر إلى واحد، إلا أن ذلك ما زال يبقيه مذنبا استثنائيا ولامعا جدا نسبيا لدرجة أنه يمكن رؤيته بالعين المجردة بعد غروب الشمس وخفوت وهج الشفق في جهة الغرب قريبا من المنطقة التي غابت عندها الشمس. وتشير التوقعات إلى أن طول ذيل المذنب سيبلغ حينها حوالي 20 إلى 25 درجة! وفضلا عن الذيل الغباري الكبير للمذنب، فإن له ذيل أيوني خافت أزرق اللون يرى أفضل من خلال التلسكوبات والتصوير الفلكي، وإضافة إلى ذلك فإن له ذيل صغير ونحيل يشير باتجاه الشمس. ومن المتوقع أن يبقى المذنب مرئيا بالعين المجردة في جهة الغرب حتى نهاية شهر أكتوبر الحالي، ليصبح من القدر 2 يوم 20 أكتوبر ومن القدر 4 مع بداية شهر نوفمبر. ولمن يرغب بمشاهدة المذنب بالعين المجردة فعليه الانتظار لحوالي 30 إلى 45 دقيقة بعد غروب الشمس، ومن ثم النظر إلى جهة الغرب قريبا من المنطقة التي غابت عندها الشمس، وعندها سيشاهد المذنب كبقعة غبشاء، ومن الأماكن المظلمة يمكن رؤية الذنب بشكل واضح، وتبين الصورة المرفقة موقع المذنب في السماء بعد 45 دقيقة من غروب الشمس خلال شهر أكتوبر، وذلك كما يشاهد من مناطق وسط الجزيرة العربية. وأما بالنسبة للمذنب الثاني، فتشير بعض التوقعات إلى أنه قد يصل لمعانه في نهاية هذا الشهر إلى القدر سالب 8! وهذا لمعان كبير جدا لم يصله مذنب من فترة طويلة، وإن تحقق ذلك فقد يصبح مرئيا بالعين المجردة في وضح النهار! وهو من فئة المذنبات الحافّة للشمس (Sungrazing Comets)، وهي مذنبات تمر على مقربة كبيرة من الشمس، وتحديدا تم تصنيفه من فئة مذنبات الحافّات "كروتز"، وهي مذنبات يعتقد أن أصلها مذنب واحد عملاق تجزأ أثناء مروره بالقرب من الشمس في زمن سابق. وسيصل هذا المذنب إلى أقرب مسافة من الشمس يوم 28 أكتوبر وسيقع حينها على مسافة 1.2 مليون من مركز الشمس، ويلمع المذنب الآن بالقدر 12، إي أنه لا يشاهد إلا بواسطة تلسكوب ومن مكان مظلم، ويظهر حاليا في جهة الشرق قبل شروق الشمس، وبمرور الأيام سيزداد لمعانه وسيقترب أكثر من الشمس، ولا يمكن التنبؤ بشكل دقيق بمستقبل هذا المذنب فمروره القريب من الشمس قد يفتته ويحوله إلى مذنب عادي أو حتى يتلاشى، خاصة وأنه تعرض إلى ما يعتقد أنه تفكك في نواته يوم 8 أكتوبر. أما إن استطاع مقاومة حرارة وضغط الشمس فإنه قد يقدم عرضا مميزا، وسيبقى طيلة رحلته هذه قبل الحضيض وبعده مشاهدا في جهة الشرق قبل شروق الشمس. وتجدر الإشارة إلى أن توقعات عددا من الخبراء تفيد بأن هذا المذنب أضعف من أن يقاوم مروره بالقرب من الشمس، وبالتالي قد لا يكون مذنبا مميزا من جهة أخرى. كما وتشير توقعات أخرى أنه قد يلمع بشكل كبير قبل الحضيض، في حين لن يتبقى منه بعد الحضيض إلا الذيل!