كم من شخص سمعت عنه أبشع ما يمكنك أن تسمعه قبل أن تلتقيه، وبعد لقائك به تفاجأت بأنه إنسان سويّ ولطيف؟ وكم من شخص تهيبت لقاءه نظير ما سمعت عنه، وبعد تعاملك معه اتضح لك أنه إنسان تقي نقي؟ تقع في الخطأ كثيرا حين ترخي سمعك لما يُصبّ فيه من تشويه للآخرين، إذْ ليس من المنطق أبدا أن تُخْضِع علاقاتك لما يُلقى في سمعك عنهم ! نلتقي بكثير من الأشخاص، نتعامل معهم، ناخذ منهم ونعطيهم، والقلوب سليمة حتى يأتي من لا يروقه إلا أن يتحدث بما يشبه السكين فيملأ قلبك بما يُكدر صفوه! يتحدث بكل إسفاف وصفاقة عن الآخرين، مُنصبا نفسه المقيّم الهُمام! ويبدأ بتصنيف الناس حسب مزاجه هذا كريه، وذاك حسود، والآخر أناني، والرابع طماع، وهلم جرا.. وقلّما تجد هذا الشخص يثني على أحد فالكل عنده سيئين ولا خير فيهم! هذا لا يتركك تنظر إليهم من زاويتك، ومن خلال ما تراه أنت وتعاملك مع الآخر، فهو يُملي عليك قناعاته ورؤيته، ويصادر حقك في التمييز بين الصحيح وغيره! لِم لا تترك كل شخص يرى من حوله بالطريقة التي يراها هو ومن خلال تعامله معهم؟ لِم لا تغسل قلبك مما علق فيه من أنانية وحسد وقبح؟ ليس بالضرورة أن نتفق في كل شيء فالاختلاف وارد وهذا لا يعني ان من اختلف معك في رؤيته شخصا سيء ، لِم لا نتقبل الاختلاف بعيدا عن الخلاف، طرح هؤلاء الذين لا هم لهم إلا تصنيف الناس وتحديد الصالح من الفاسد طرح يؤدي إلى تصادم وخلافات وهجر ومشاكل. ثم لِم لا تنظر إلى نفسك قبل أن تتولى مهمة التصنيف؟ ضع نفسك تحت مجهر النقد، وانظر لها بعين المنصف هل أنت الأفضل؟ لو بحث كل منا في زوايا نفسه لوجد هناك جانب مظلم يستحق أن نلتفت إليه ونسعى جاهدين لإصلاحه ولانشغلنا بإصلاح أنفسنا قبل إصلاح الآخرين.. دعني أرى الآخرين بعيني لا بعينك أنت، دعني أصنع علاقاتي بحسن الظن في الآخرين، لا تنقل لي أخطاء الآخرين، ولا حتى حديثهم عني ولا حتى عن غيري، دع لي قلبي فأنا أحب أن ألقى الناس بقلب سليم كما وجه نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم في حديث عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يبلغني أحد من أصحابي عن أحد شيئا، فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر )) فقط دعني أراهم كما أحب، وكما يحبون لا كما تحب انت. كتبه/ أ. جواهر محمد الخثلان