لا تزرع في أرضي شوكاً لعلك غداً تأتيني حافياً من الحكم الرائعة التي تعلمنا حدود العلاقات وفنون المعاملات الإنسانية.. العلاقات التي أساسها العطاء مقابل الأخذ نحن نكمل بعضنا؛ أنا أحتاجك اليوم وأنت تحتاجني غداً .. اتفاقية بناء العلاقات الجيدة التي مبدأها الاحترام وقوتها في الاهتمام وديمومتها في التغاضي والتجاهل.. لا بد أن نفهم أن دوام الحال من المحال وأن من تعاديه اليوم وتكيد له وتظلمه وتقهره بأفعالك وأقوالك قد تتبدل أحواله ويصبح ذا شأن عظيم .. فازرع ورداً تنل وداً وحباً ووفاءً .. ولنا في قصة سيدنا يوسف عليه السلام أعظم الأثر وفيها من المعاني الجميلة والحكم العظيمة والدروس المؤثرة آيات وعبر فاعتبروا يا أولي الألباب. كان لسيدنا يوسف عليه السلام أحد عشر أخاً ذكراً، وله أخوانِ شقيقان منهم فقط وهما راحيل من أمه، ومن أبيه يعقوب هو بنيامين، أماإخوته الباقون فهم أخوة غير أشقاء من جهة أبيه. في ليلة من الليالي رأى سيدنا يوسف عليه السلام وهو نائم رؤيا عجيبة، حيث رأى أحد عشر كوكباً والشمس والقمر ساجدين له، فاستيقظ يوسف عليه السلام وقرر الذهاب إلى أبيه يعقوب عليه السلام ليروي له ما حدث في هذه الرؤيا، فعلم يعقوب عليه السلام أن ابنه سيكون له شأن عظيم، ولذلك حذره من أن يخبر إخوته برؤياه فيفسد الشيطان قلوبهم، ويقلبهم على أخيهم، فيحسدونه على ما آتاه الله من فضله، فلم يقصّ رؤيته على أحد. كان يوسف عليه السلام مفضلاً عند أبيه يعقوب عليه السلام حيث كان يعقوب يحب يوسف عليه السلام حباً كبيراً، يعطف عليه ويداعبه، فاغتاظ أخوته منه فكانوا يحسدونه، ويحقدون عليه، اجتمعوا ذات مرة ليدبروا له مؤامرة تبعده عن أبيه، فاقترح أحدهم أن يلقوه في غيابات الجب، واتفقوا جميعاً على ذلك، وفعلاً طلبوا من والده أن يترك لهم يوسف يلعب معهم ووعوده أن يحفظوه. عندما وصل أخوة يوسف عليه السلام إلى مكانهم المنشود فعلوا ما اتفقوا عليه، حيث القوه في البئر وأتوا بقميصه الذي كان يرتديه ملطخاً بالدماء، وادعوا أن الذئب قد أكله، وبعد ذلك مر أناس من البدو فوجدوا يوسف و أخذوه وباعوه بثمن بخس، فلما رآه عزيز مصر قرر شراءه، وطلب من زوجته أن ترعاه، ولكن من شدة جماله راودته عن نفسه، فأبى يوسف عليه السلام أن يعصى الله عز وجل، فكادت له وأدخلته السجن، ثم أظهر الله تعالى براءته بعد ذلك وخرج من السجن. استعمله الملك بعد ذلك في إدارة شؤون البلاد، وجعله أمين الخزائن، وفي شؤون الغذاء التي أحسن إدارتها في سنوات القحط، واجتمع شمله بوالده وإخوته وخروا له سجداً وبذلك تحققت رؤياه.. - ومضة: * يقول الشاعر حسين القاصد: * وكيف أعرف اسم الذئب أخوتنا * كانوا على البئر أما الذئبُ ليس هنا ! عدالة الله تتحقق مهما أوهمك وزين لك الشيطان سوء عملك .. فلا تغتر بطول الأمل ولا تجعل من مكانتك أداة للبطش وظلم عباد الله .. قبل الوداع: نحن من طين , يوجعنا الأذى , يجرحنا صغير الشوك , يجبرنا لطف الله. - جلال الدين الرومي. بقلم : فاطمة الجباري