في القرآن الكريم أحسن القصص سورة يوسف ؛ يوسف عليه وعلى آبائه أفضل وأزكى التسليم نبي بن نبي بن نبي بن نبي هو خليل الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام .ومع أن بيت يوسف عليه السلام بيت نبوة وطهارة وعلم إلا إنه لم يكن خاليا من الحسد والمكيدة .أما النبوة والطهارة فيكفي النسب الذي ذكرته سابقا وأما العلم فحتى إخوان يوسف عليه السلام كانوا أهل علم والدليل في قوله تعالى على لسان يعقوب عليه السلام (قَالَ يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ). ومن هذه الآية نستنتج إن إخوة يوسف كانوا على علم ودراية بتأويل الأحلام وتفسير الرؤى ، و كانوا على علم بتوريث النبوة وكل واحد يرغب بها يوسف عليه السلام برغم صغر سنه إلا إنه التزم بالأمر الذي صدر عن أبيه بعدم الحديث عن هذه الرؤياء لإخوته، والدليل قوله تعالى (إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ) فلو كانوا يعلمون عن الرؤياء لما احتجوا بحب يعقوب ليوسف عليهما السلام . إن الحسد والمكيدة لكل ذي نعمة أو ملك أو جاه أو علم هو فطرة إنسانية حتى من أقرب الأقربين وهو الأخ ؛وإخوة يوسف اشهر من خلّد التاريخ البشري حسدهم ومكيدتهم وجعلها على لسان الأمم منذ ألوف السنين ، لأنهم بسب حسدهم كذبوا واخترعوا قصة الذئب بل إن حسدهم أعمى بصيرتهم فهم يعلمون إن اباهم نبي والله يوحي له بما فعلوا ولكن الله أراد شيئا ؛ وكان أمره مفعولا؛وأرادوا من مكيدتهم الضرر ليوسف عليه السلام ؛ولكن الله أراد منها خيرا له إذ جعلت منه أصغر نبي بعد عيسى عليه السلام عندما أوحى الله إليه لحظة إنزاله في الجب ، قال تعالى (فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِ وَأَجْمَعُواْ أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ) . وفي أحسن القصص عبرة وآيات للبشرية جميعا وفي كل العصور ومنها عصرنا الحديث وواقعنا الحالي ومن تلك العبر ، إن الحسد والمكيدة ليس معصوما منها من كان لديه علم ولا عصمة لأحد منها مهما علا شأنه أو كبر مركزه ومكانته في المجتمع إلا من كان نبي مرسل ، لذا يجب أن لا نزكي أحدا حتى لو كان من داخل بيوتنا يجب أن نتعامل مع الذين تأكد حسدهم ومكيدتهم لنا بالصبر والدعاء لهم بالهداية والحذر مما يفعلون مع إيماننا التام إنه لن يصيبنا إلا ماكتب الله لنا . وبناء على ما تقدم ، يمكني استخلاص رسالتين تربويتين : الأولى : لكافة أبناء هذا الوطن ممن تختلف بينهم وجهات النظر وأقول لهم لا تتخذوا من إخوان يوسف عليه السلام قدوة في حسدهم و أفعالهم وحافظوا على وطننا ولتكن أفكارنا (متلاقحة) في خدمة الوطن لا متناطحة في خدمة الأعداء الذين يتربصون به . والثانية : (لإخواننا) العرب والمسلمين في كافة الدول : لاتجعلوا للحسد الذي في صدوركم سبيلا لنزغ الشيطان فيوحي لكم بالمكائد السياسية والاقتصادية والإعلامية ضد وطننا فهو وطنٌ آخر لكم وقبلة لمليار ونصف من المسلمين عبر مشارق الأرض ومغاربها وحكومته نذرت نفسها لخدمة الحرمين الشريفين خاتمة القول : (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)