بقلم | فاطمة الجباري الشقاء بالنعم بات طابع أهل هذا الزمان؛وشغلهم الشاغل.. هل النعمة شقاء؟ ولماذا؟ خلق الله لنا النعم لنستمتع بها بما يرضي الله لا إفراط ولاتفريط وأمرنا بشكرها والمحافظة عليها.. وأنا أخاطب الأنثى التي تحب الجمال وتعشق التغيير وتواكب كل جديد.. تلك الأنثى التي ترفل في نعم الله ليل نهار فما استشعرت قيمتها ولا عرفت معناها الحقيقي.. في نومه هانئة ولقمة دافئة وبيت له سقف في شربة ماء بارد في عافية في البدن في وجود الوالدين في قرب أخ وأخت في ابتسامة طفل .. لاشك أن الأنثى تستهويها أشياء آخرى لم تذكر لكن يجب أن تكون في حدود ووفق الإمكانيات.. بين الرغبات والاحتياجات تسابق الريح بحثاً عن الاختلاف والتميز عن غيرها من السيدات ليس لضرورة ملحة بل مجارات للأخريات.. في إحدى اللقاءات النسائية تعالت الأصوات وكثر الحديث والجدال حول نشر بعض السيدات من المشاهير لحياتهن بشكل أجدر بأن يكون دعاية أو إعلانًا أو مباهاة مما لا يدعو للشك .. قالت إحداهنّ: أنا أحسدهنّ.. على النعم التي هنّ فيها؛كل ما يشتهينه يجدْنه؛ من سفرومطاعم وتسوق وعطور وعيادات التجميل .. تلك المقارنة جعلت الكثيرات منهنّ غير راضياتٍ عن حياتهن ولاأزواجهن ولابيوتهن .. وهنا أتساءل هل المشاهير وجدوا كل ذلك على طبق من ذهب أم أنهم يتنقلون من محل إلى محل للإعلان والدعاية والنشر ومقابل ذلك يتمتعون بالمزايا العينيه والنقدية كل ماترونه وتسمعونه مدفوع لهم مسبقاً ليس من حساباتهم البنكية ولاثرواتهم الطائلة .. الشقاء بالنعم!! هو في البحث عن الكماليات وليس الضروريات.. عن الرغبات وليس الاحتياجات.. الشقاء بالنعم !! أن تحضر سيدة لعيادة تجميل لتغير في خلق الله ولا يخفى عليكن ما وصل إليه الحال في عيادات التجميل شيء ينافي الفطرة وتشمئز منه النفس .. حين خلقك الله خلقك في أحسن تقويم ومنحك الحواس والشعر والبصر والسمع ومتعك بالصحة ووهبك الجمال الرباني الذي لو أنفقتِ كنوز الأرض لاتساويه في دقةالصنع وعظمة الخلق؛ لن تستطيع أرقى عيادات التجميل أن تصنعه.. بل للأسف أغلب عيادات التجميل شوهت الجمال بكل المقاييس.. ناهيك عن المبالغ الباهضه التي تصرف عليها.. وعن الألم الذي تنتج عنها فنحن نشتري الألم باموالنا ورغبتنا.. وعن النتائج التي تترتب عليها والمخاطر الصحية التي قد نتعرض لها.. تلك العيادات التي تسعى للكسب المادي ولاشيء غيره وبكل سهولة ستتخلى عنك بعد أن تعبث بك غير آسفة عليك.. هل باتت أرواحنا رخيصة علينا إلى حد العبث بها والركض المحموم وراء آخر الصيحات في عالم الجمال المشؤوم.. الشقاء بالنعم!! أن يصبح همك متعة زائفة وتقليدًا أعمى وإسرافًا ومباهاة ليس له حدود وخارجه عن المألوف.. الشقاء بالنعم!! أن تصرفي الألف لتعدّلي أنفك أو تنفخي شفتك أو ترفعي حاجبك أو تكبري صدرك وأشياء كثيرة يمنعني الحياء عن ذكرها.. وفي المقابل لو وقف على بابك محتاج لاعتذرت بعدم الاستطاعة لأنك لاتملكين المال.. الشقاء بالنعم!! أن تعيشي حياتك بلا هدف ولامعنى غير متابعة أخبار مشاهير السويشال ميديا دون وعي ولا أدراك لحقيقة حياتهم.. الشقاء بالنعم!! أن تشغلي حواسك وتفكيريك من الصباح إلى المساء بالنظر في سناباتهم أين ذهبوا ماذا اشتروا ماذا أكلوا أين سكنوا كم صرفوا؟ إنه الشقاء الذي صنعته لنا السويشال ميديا بكل احترافية.. اللهم لاتشقنا بالنعم.. قبل الوداع القناعة والرضا سر من أسرار السعادة كما ذكرها الإمام الشافعي في هذه القصيدة الرائعة.. ولا حزن يدوم ولا سرور ولا بؤس عليك ولا رخاء إذا ما كنت ذا قلب قنوع فأنت ومالك الدنيا سواء