دشن نادي أبها الأدبي، أمس الخميس، معرض ومحاضرة عن “جماليات فن القط”، بالشراكة مع الجمعية السعودية للفن التشكيلي- جسفت، في باكورة نشاطات برنامجه الصيفي ضمن فعاليات صيف المنطقة “مرحبًا ألف في عسير”. وقد قص شريط المعرض رئيس النادي د.أحمد آل مريع ومدير جسفت عسير د.علي مرزوق، بمشاركة من الفنان القدير مفرح عسيري والمسؤول الإداري للنادي د.أحمد التيهاني والمدير التنفيذي للفعاليات الثقافية للنادي د.خالد أبوحكمة وعدد من الأدباء والمثقفين والمهتمين بالشأن الثقافي. وحوى المعرض أكثر من 20 عملاً فنياً متنوعاً جمع بين الأعمال (المسندية، والوكلاج، إضافة إلى الأعمال الخزفية)، بحضور جميل من صاحبة متحف تهلل الفنانة الشعبية حليمة بنت رفيدي التي عرضت الأدوات والخامات التي تستخدم في القط والتي قالت بأنها تستخلصها من الطبيعة، فيما أشارت إلى أنها عملت على تطوير وتحديث بعضها. في المقابل، عرف د. علي مرزوق، خلال محاضرة جماليات فن القط، بداية بفن القط من خلال معاجم اللغة بأنه : القَط بفتح الفاء في معاجم اللغة: يعني القطع عرضاً. ويأتي بمعنى الخط أيضاً. (الكتبة) أو (النقش)، وإجرائياً بأنه: فن زخرفة الحيز المكاني الداخلي للمساكن التراثية بعسير. وقال: “استطاعت القطاطة في عسير أن تحقق عناصر العمل الفني (الخط، المساحة، الشكل، الأرضية، التماثل، وإيقاع ، واتزان..) فيما أبدعته في فن القط، رغم عدم معرفتها بالقراءة والكتابة معتمدة على إحساسها الفني الفطري الذي اكتسبته من بيئتها فأبدعت زخارف متنوعة اتسمت بالتلقائية والدقة في الأداء، كما أن القطاطة تحرص على أن يتوافق ذوقها مع ذوق مجتمعها، وأن تعبر عن أفكارهم ورؤاهم؛ لأنها تمارس هذا الفن من أجلهم ولهم. ولم يكن فنها فنًا شخصيًا فرديًا يشير إلى صاحبته، بل هو فن مجتمعي لذا فإن بعضًا من فنون القط لا تُعرف مبدعته”. وأضاف: “بعد الانتهاء من البناء يترك تزيين المنزل (الديكور الداخلي) لربة المنزل التي تقوم وبمساعدة من نساء القرية بتغطية الحيطان بطبقة من الجص (صهار) ويستخدمن في ذلك فرشة من صنع أيديهن (منطلة)، وبعد جفافه يرسمون عليه الوحدات الزخرفية”، متابعًا: “وقد يتم استدعاء قطاطة متخصصة لتقوم برسم الزخارف باللون الأسود ثم تضع نقاطًا لونية في كل عنصر زخرفي فيقوم النساء بتلوين هذه العناصر الزخرفية وفقًا للألوان التي حددتها القطاطة بألوان طبيعية، وفرش تقليدية، ثم تعرض لتوصيف وتحليل عناصر فن القط وأن هناك عددًا من الكيفيات الزخرفية التي استخدمت في تزيين وتجميل فراغات المسكن الداخلية”. وذكر د.علي مرزوق بأن الفنانة الشعبية (القطَّاطة) تتحقق في أعمالها القيم الفنية والجمالية مثل (النقطة، والخط: (الرأسي، الأفقي، المنحني، المنكسر، المائل)، والشكل ، والظل والنور، واللون، وملامس السطوح، إذ تعاملت مع ثلاثة أنواع من الألوان: ” الألوان الطبيعية المستخلصة من مساحيق الأحجار الكلسية، أو من الطينات الملونة ، أو من بعض الأعشاب والفواكه، ألوان جاهزة الصنع على شكل مساحيق ( بودرة ) كانت تُجلب من اليمن وبإضافة الماء والمواد المثبتة إليها يتم التلوين بها، الألوان الزيتية الحديثة مع ملاحظة أن هذا النوع من الألوان لم يستعمل إلا في وقت قريب” والملاحظ تعاملهن مع الألوان الأساسية (الأحمر، الأصفر، الأزرق )، إضافة إلى الألوان الثنائية (الأخضر، البرتقالي)، أما اللون الأسود (المحايد) الذي استخدم أيضاً في الرسم والتخطيط المبدئي ومن ثم تقوم بملء المساحات بالألوان المختلفة. وفي ختام محاضرته أورد بعض النتائج ومنها: يقوم الرجال بزخرفة ما هو خارج المنزل، بينما يترك تزيينه من الداخل لربة المنزل، أغلب عناصر القط الزخرفية تعود إلى أصول إسلامية، وبالتالي تحقق الانسجام والتوافق بين عناصر فن القط الزخرفية والعناصر الزخرفية التي تزين المصنوعات التقليدية الأخرى، يلعب العامل الاقتصادي دورًا كبيرًا في تزيين مساكن عسير التراثية بزخارف القط، واستحضر عدد من التشكيليين المحليين والعرب فن القط في نصوصهم البصرية التشكيلية.