خلال محاضرة فكرية أحياها بنادي أبها الأدبي **أستاذ جامعي ينادي بفقه حي نابض بالحياة يعيش العصر ويحل مشاكله **الخوف المبالغ فيه بحجة حماية الدين والتعصب لبعض المشائخ أبرز إشكاليتنا **مسائل الجمال والعناية بالآثار والترفيه حاجة ولم تعد ترفا **استثمار التقنية الهائلة فقهيا مطلب **لدينا جمود فقهاء لا جمود فقه وعجز علماء لا عجز شريعة نادى أستاذ الفقه بجامعة الملك خالد أ. د. عبد الرحمن الجرعي بفقه حي نابض بالحياة يعيش في العصر ويحل مشاكله، غير متواز عنها، مستنداً على نصوص الشريعة وقواعدها الثابتة، والتخلص من أبرز العوائق المتمثلة في الخوف المبالغ فيه بحجة حماية الدين المحفوظ بحفظ الله -عز وجل- والتعصب لبعض المشائخ غير المقبول في ديننا الحنيف. جاء ذلك خلال محاضرة فكرية أحياها، أمس الثلاثاء، بنادي أبها الأدبي، وسط حضور كبير من المختصين والمثقفين والأدباء. وقال الجرعي: “لا يعني وصفنا للفقه الحي بأنه حي وما عداه ميت، كما لو مدحت أحدًا ما لا يعني أنك انتقصت من غيره”، مشيرا إلى أن الأحكام الفقهية تنقسم بين ثابت ومتغير، والأكثر المتغير، والحيوية والحياة صفة ملازمة للفقه منذ نشأته، ورأى أن الإشكال جمود الفقهاء لا جمود الفقه وعجز العلماء لا عجز الشريعة، مبينا أن الفقه الإسلامي كان مواكبا لحضارة المسلمين العظيمة، مستشهدا بأن أطباء المسلمين وصيادلتهم ومهندسيهم وحتى فلاسفتهم كانوا فقهاء راسخين كابن رشد الحفيد وابن النفيس وغيرهم وطالب باستثمار التقنية الهائلة فقهيا، وترك ذلك يترتب عليه خلل عظيم في الفتوى، لافتا إلى أن هناك قضايا لم تكن في دائرة الاهتمام الواسع في الفقه قديما وحاضرة بقوة مثل قضايا الآداب شعرا ورواية ونحوها وكذا مسائل الجمال والعناية بالآثار وقضايا الترفيه وهي تشكل اليوم جزءًا لا يتجزأ من ثقافة المجتمع بل وتعليمه ومعاشه لما صار إليه من مصدر رزق لآلاف الأسر ولم تعد ترفا. وأضاف بوجوب الالتفات لأسرار التشريع ومقاصده وخلو الفقه اليوم عنه ينتج عنه خلل كبير، ومراعاة أعراف الناس اليوم في معاملاتهم وأحوالهم، ويلاحظ ذلك في أحوال السوق والأفراح والأتراح وقضايا المروءات والنفقات والزينة وغيرها، والاهتمام بفقه الدولة والمجتمع بدلا من الاقتصار على فقه الأفراد. ونوه بأنه من الخطأ تنزيل الفقه المسطور في كتب الفقه سابقا على الدولة الحديثة بحذافيرها، لما لها من التزامات ومهمات وعلاقات لم يعرفها الفقه قديما كمصطلح المواطنة، مشددا على حق الناس في تقريب الفقه لهم وتيسير أحكامه وبيان أن خاصية اليسر أصلية في الشريعة، ومراعاة الخلاف وعدم الإنكار في المسائل الخلافية والتخفيف من الجزم والحسم عند المسائل التي يحتمل فيها الصواب وأهمية الاستفادة من الفقه الإسلامي بكل أطيافه ومذاهبه، فضلا عن التخفيف من المسائل التي أثقلت كتب الفقه ولم يعد لها جانب عمل كالعبيد والإماء والمكاتب والمبعض والتقدير الطبي قديما للقضايا الجنائية، مقترحا أن يتعلم طالب العلم أدب الخلاف قبل الخلاف. من جهته أوضح رئيس النادي الأدبي بأبها د.أحمد آل مريع أن هذه المحاضرة تأتي في إطار اهتمام النادي بالمبادرات الفكرية، فالنادي يولي الفكر عناية خاصة انطلاقا من مهمته في نشر الوعي وتصحيح المفاهيم، وقال: “إن المتابع يلاحظ حضورا نوعيا يتمثل في عدد من أساتذة الشريعة وطلاب العلم، بالإضافة للجمهور العام الذي اعتدنا حضوره، وهذا يزيدنا حرصا على تنويع مجالات الاهتمام.