بقلم | د. سلطان أبودبيل القحطاني لمحة سريعة ونظرة عامة حول حياة الفرد في أوساطنا ، والثقافة العامة التي اتسم بها مجتمعنا في مجال العمل، ورسم الخطط المستقبلية للموظف ، فمن منا وجد نفسه يكرس وقته للعمل ؟ من منا وجد أنه طوال العام يذهب للعمل وهو متشوقٌ ؟ بلا شك نجد ذلك السلوك نادرًا جدا ، والسبب – في اعتقادي – يعود لعدة أمور أهمها:
١- لم نُثقف تلك الثقافة التي تبيّن لنا ثمار ما نقوم به في مجال العمل ، وإننا عنصر مهم في مسيرة العمل ، ولم تُغذَ أفكارنا حب العمل والتشجيع والتنافس المحمود، لاسيما أن العمل عبادة نؤجر عليها، ويجب أن نتحرى الحلال من الحرام لاستقامة أمورنا في الحياة الدنيا والآخرة.
٢- لا نعمل حسب ميولنا وخبراتنا وتخصصنا ، وإن عملنا وفق تخصصنا ووجدنا عرضا آخر أفضل ولو باليسير لانصرفنا دون تردد ، فجُل اهتمامنا المادة حتى لو نمتهن مهنًا جديدة بعيدة كل البعد عن تخصصنا وميولنا وخبراتنا.
٣- نعمل لأجل بناء مستقبلنا ومستقبل أبنائنا ونؤمن السكن والملبس و و و …. إلخ. ، فمعظمنا يرسم مستقبله كالآتي :غدا أعمل، ثم اتجه للبنك أستخرج قرضا ، ثم أشتري سيارة ، ومن ثم أتجه لبنك التسليف للحصول على قرض الزواج، وبعد ذلك أنتظر أعواما لكي أحصل على قرض السكن، وهكذا من قرض إلى قرض حتى سن التقاعد ، هذه هي الدائرة التي لم أجد شخصا خرج عنها ، وهذا هو المستقبل الذي يسعى الجميع لتحقيقه ، بل نجد هذه الثقافة تلازم الفرد قبل التحاقه بالوظيفة ولا نجد شخصا خرج عن هذا المألوف، فأصبحنا لا ننظر إلى أبعد من ذلك وكأن أنماط الحياة لا تخرج عن إطار ما ذكرته أنفا.
4- في مجتمعنا غالباً (يستوي الذين يعملون والذين لا يعملون ) وهذا هو الذي يهدم كيان الموظف الناجح ويُشعره بالإحباط ، ويسبب له الإرهاق الدائم لأن الأنظار كلها نحوه ، فالمدير أو نائبه لا يعتمد إلا عليه ، وزملاءه الكسالى يحمَّلونه فوق طاقته ، وللأسف وجدت أغلب النصائح الموجهة للموظف حينما يُعيّن تدور حول الإهمال لا تثبت نجاحك لمديرك ، لا تبدي مهاراتك ونجاحك، انتبه ! ذهلت وتساءلت وسألت لمَ كل هذا الهدم والتحطيم؟! قالوا: لأنه لو أخلص وأثبت نجاحه لحملوه حملاً يكسر كاهلك، ونهايته كذلك الموظف الذي يأتي متأخرا ويفطر ويتتبع الأخبار ثم ينصرف قبل نهاية العمل، بلا شك أنهم أصابوا في نصحهم فالناجح إن طلب إجازة رفض رئيسه لحاجته له ولحاجة العمل ، وإن تأخر فُقد ، والكسول هو الذي يستوفي حقوقه ، فيا لك من محظوظ أيها الموظف الكسول ، امتيازاتك وتقويمك مثل ذلك الناجح الذي أهدر وقته وجهده وكرّس طاقته إخلاصاً لعمله.
فمن الحق أن توضع استراتيجيات للتوظيف ويهيأ كل فرد يعمل ويشجع ويدعم، وحتى نبدع ونسابق الأمم يجب أن تُوفر لنا – بدايةً – مقومات الحياة الأساسية من مسكن ومأمن لمستقبلنا ومستقبل أُسرنا، وما يكون سببا في تفرغنا لأعمالنا.
يجب أن يُحترم صاحب التخصص، ويوضع في مكانه المناسب، فالتقسيم والتخصيص من سمات المجتمعات الناجحة، يجب أن نُثقف ونعي ما المطلوب منا في أعمالنا؟ ما دورنا؟ ، وهل أتممنا ما كُلفنا به على الوجه المطلوب؟ يجب على بعض الموظفين الابتعاد عن التملق والتقرب غير المحمود ، علينا أن نبتعد عن الكيد الإداري الذي يجعل زملاء العمل في ظنون مستمرة ، يجب أن يعلم كل شخص بمهمته ورسالته وما يقوم به ، لا تثبت لمديرك أو رئيسك أنك تعمل وتتعب فهو يعلم ذلك جيداً، وهذا الأمر يزعجه إن تحدثت به ، لا تقل لمَ منحتوا فلانًا إجازة وأنا لا ؟ دع الأمور تسير ولا شأن لك بغيرك فالجميع محاسب إما بخيرٍ أو بشرٍ ، فلو قارنت نفسك بغيرك في مجال عملك لتشتت وأصبحت في حيرة من أمرك ولم تبدع أبداً ، ووجدتك يأساً متحطماً.
قوّم أعمالك التي تقول بها بشكل مستمر وتنبه لأخطائك ، لا تقارن إنجازاتك بمن هو أقل إنجازًا، تأقلم مع بيئة العمل ولا تمزج ما يدور في إطار العمل بحياتك الخاصة.كل ذلك كفيلٌ بجعلنا نتميز ونبدع ونستمر في عطائنا دون كللٍ أو مللٍ، وبيسرٍ وسهولةٍ. د. سلطان أبو دبيل القحطاني عضو هيئة تدريس – جامعة الأمير سلطان