بقلم | غادة الدعيج إنّه لمنَ المُحزن أن أرى سُمّاً يجري من تحتِ أطفال و مراهقين مجتمعي الفاضل ، و مايزيد حزني أكثر هو الإهمال أو قلّة رقابة الوالدين مع الأسف. لقد انتشرت الألعاب ذات الطابع الترفيهي و المغزى الخفيّ حتى باتت تتحكم بأسلوب الطفل ذاته و تلعب في نفسيّته، حتى أنه قد ينتهي به الأمر إلى العزلة في كثير من الأحيان . ( لو خيّروك ) هي لعبة انتشرت في الآونة الأخيرة بين الأطفال على قنوات برنامج (اليوتيوب) حيث يقوم الطفل بإنشاء قناته الخاصة حتى يتسنى له عرض تحدياته مع خصمه. اللعبة قائمة على خيارات متعاكسة مختلفة ، يراها الأطفال مسليّة إلاّ أنّها تُخفي الكثير من تدابير لا يفهم مغزاها عقل طفل. تتنوع أساليب اللعبة إما بالأقوال أو بالأفعال أو بالتحديات الشنيعة، فعلى سبيل المثال لا الحصر : تقطع ذراعك أو تقطع ذراع شخص غريب لكن يعود بعد ٣٠ سنة ليقتلك ؟ هذا مثال فقط و ما يدور داخل اللعبة أشنع و أفظع و الله به عليم! أصبح الأطفال يتفاخرون فيما بينهم على هذه اللعبة بوجه عام و على إقتناء جهازه الذكي الشخصي الخاص به كالجوال أو الآيباد على وجه الخصوص، حتى في المناسبات العائلية و في كل مكان . رحم الله زمناً كان فيه ” جهاز العائلة” الترفيهي كنزاً كافياً لنا ! إنّ ما يدور في المجموعات الخاصة ببرنامج ( الواتساب) من تحديات و ألعاب تمزج بين الخيال و الواقع و الموت أمراً خطيراً جداً يجب التصدي له بطريقة أو بأخرى . فعقل الطفل لا يعرف للمنطق باباً و لا يدل للصواب طريقاً إلا بالمراقبة و التربية الحسنة . إنّ ما أثارني و جعلني أهم بكتابة مقالة كهذه ، رؤية مراهقين بل فلذات أكباد جرفتهم الألعاب و أخص بها لعبة ( الحوت الأزرق ) التي هوت بهم و أخذتهم من بين أيدينا إلى عالمٍ نجهله، أخذتهم بعيداً عنّا فآلت بهم إلى الإنتحار و بعضهم انتهى بهم المآل إلى الموت! ثم ماذا بعد ؟ يتفكر الوالدين بالرقابة على الأجهزة و الحرص على التربية ، لكنّ هذا لن يجدي نفعاً حين يفقدون الإتصال الفعّال مع أولادهم فتكون حياتهم صامتة متمحورةً على تلك الأجهزة ، و قد يلاقوا حتفهم بسبب لعبة ! ما أود التنويه إليه ، هو أن الأطفال لم يعودوا أطفالاً كقبل ، فالطفل أصبح مشهوراً في برنامج ( السناب شات) و الآخر مشهوراً في ( اليوتيوب ) فأنشأ له قناة يقضي يومه كله أمامها، فيصوّر أكله و مشربه و ينشىء التحدي بينه و بين صديقه أو قريبه و و و ….. حتى أن هناك بعض الأمهات اللواتي استخدمن فلذات أكبادهم كوسيلة تقتصر على شيئين لا ثالث لهما إما كوسيلة بلا هدف أو لهدفٍ ماديٍ لا أكثر ! لا أقول ذلك من فراغ و إنما رأيت بأم عيني و سمعت المغزى من ذلك بقول إحدى الزميلات : ” يا أختي تجيك فلوووووس “!! الأم مسؤولة أمام الله و كذلك الأب عن رعيتهم أحسنوا تربيتهم ، عظوهم، علموهم المبادىء و القيم و الأخلاق الحسنة فالإنسان بدون تلك الثلاث بلا قيمة بل لاشيء! نشرت شركة الألعاب الأمريكية بعد إفلاسها Toys “R” Us ( تويز آر أص ) أن الأطفال كبروا بما يكفي و ختمت رسالة إفلاسها الحزينه بقولها : ” أوعدونا ألاّ تكبروا ” . أفلست لأن التكنولوجيا طغت على الأطفال و الأطفال لن يكونوا كما كانوا من قبل ، فالألعاب الإلكترونية و الأجهزة الذكية تشرّبت عقولهم بما يكفي، حتى أصبح الطفل معلَّق بجهازهِ الذكي تماماً فما أن ينفصل عنه يشعر و كأنَّ شيئاً ما – كالأكسجين- نقَص! في حقيقة الأمر نحن كوالدين و كأمهات من يتخذ قرار أن الطفل لازال طفلاً بمراقبة أجهزته الذكية و مراعاة عمره و فهم احتياجاته ، و تعليمه المبادىء و القيم لتحيط به و تعلمه الصواب ، فلا يفعل سلوكاً خاطئاً كما يفعل الطفل الآخر ، فيرى الصواب صواباً و الخطأ خطأً فيقتنع بنفسه دون إكراهه ، كما يجب أيضاً تذكيره بأنه مراقب بعد الله فيمَ يرى و يفعل ؛ حتى لا يتقوقع و ينطوي على نفسه ، و يراقب نفسه بنفسه . و أخيراً .. علينا الإلتزام الكلّي بالمسؤولية فكلنا راعٍ و كلنا مسؤول عن رعيته .