بقلم | عواطف الغامدي تزورك ولديها خطة مُعدة بعناية لتدهشك وتعيّد شغف الحياة لك كما لو كنت متصالحًا مع كل شيء، قد هلّ هلالها ودانيةً دنت علينا ظلالها عندما يحل شهر الخير تحلُ معه الكثير من الفضائل الربانية والطقوس الإجتماعية الإستثنائية المُتفق على جمالها وروعتها. بدايةً من صوت المؤذن الذي يأتي من زاوية أخرى وكأنك تسمعها للمرة الأولى وكأنها لم تكنّ تصدح طوال العام ، والفجر شعور السلام والشمس التي تشرق على غير العادة أكثر بريقًا وتوهجًا تسرقك من إزدحام الحياة وضوضائها المعتاد وتشعرك بالرغبة في الإنزواء واكتشاف الذات أو بمعنى آخر: الرغبة في الإيمان والشوق للروحانيات ، وأثناء اليوم وخلال ساعات الصوم التي تتحرك بشكل بطيء قاتل على معدتك دائمًا ما تشعر بالسعادة كلما رأيت بخار الأطعمة اللذِيّذة التي قمت بصنعها يتصاعد من الإناء أثناء طهيها ورائحتها تملأ فضاء المنزل، والحركة الصاخبة التي تحدث بإتجاه الركن الذي يقبع فيه المطبخ ، على عكس ساعتك الداخلية وذاتك الروحية التي جعلتك تشعر بأنك صالح للحد الذي لا حد له عندما تستشعر الغاية العظيمة والهدف من الصوم وعندما تفكر في أولئك الذين يفترشون الأرض سريرًا ويتخذون من الجوع خليلاً ، فتملأ الروحانيات خواء داخلك بدلاً عن الطعام . وفي سحر لوحة ولون الغروب المُتقن والفاتن الذي يأتي أجمل من أي مرة، أجمل حتى من كل مرة ، تستطيع أن تشعر به في كل يوم من أيام هذا الشهر دون أن يقل بريقه. نكون أشبه بمشتركين بماراثون جري نتسابق في الدعوات والإبتهالات لعّلها تأخذ طريقها إلى خالقها وتجعل من حياتنا وحياة غيرنا أكثر نضارة ، وبقلب متحاب غير مضطرب نتشارك تقديم الإفطار والمساعدات لعلنّا ننال بذلك الأجر العظيم من عند الله ، وعندما ينبعث صوت الأذان ويقترب لأذنك تتأكد أنه مُنادي الحق ولايفوتك تأمل منظر الفقير والغني عندما يتشاركان مشروبًا واحدًا ويتقاسمون شقّ تمره . الخير ليس له مواسِم لكن هذا يعدّ أفضلها على الأقل يعتبر جوهرة باعثة لطاقة العبادة الجليّة ، لا نريد أن نخرج من هذا الشهر بخسارة لذا عند منتصف الليل صلي أن يستجيب الله دعواك ونجواك ويغفر لك فهذا وقت ذُكر أن أبواب السماء فيه مشرعة للصلوات والدعوات وأنه عفو كريم يُحب العفو فلنطلبهُ ليعفو عنا.