والديرة هنا تعبير شائع للمكان الذي ينتمي إليه إنسان المملكة بشكل عام، وليس شرط أن يكون قد وُلد بتلك القرية او المدينة الصغيرة، فالكثير على سبيل المثال من أبناء طريب حالياً ليسوا من مواليده ومع ذلك قلوبهم تهفوا إليه شوقاً ويعتبرونه منبعهم الذي ينتسبون إليه. والصيام في أيام خلت خاصة في القرى كان لها جماليات واحتفاء خاص يستبشر بها الصغار قبل الكبار. لا أعلم ماهي المقاييس التي جعلت قريتنا في رمضانات قديمة مابين الإبتدائي والثانوي تختارني إمام لصلاة العشاء والتراويح فقط!، مع ان السبب المباشر هو أن الغالبية كبار في السن وأميين رحمهم الله فقد رحل أغلبهم. التدخين يعتبر من أكبر العيوب آنذاك وذات رمضان وأنا في الطريق إلى المسجد دخلت غرفة عمال المزرعة لأخذ كشاف ضوئي فمكثت لدقائق كانت كافية لتشبع الملابس برائحة تدخينهم الكثيف وما أن وصلت للمسجد الصغير وأخذت المكان حتى رمقتني نظرات صف المصلين وأحدهم لم يترك الموضوع بلا سؤال مباشر فأخبرته بالحكاية ومع ذلك عاتبني وعيناه فيها الغضب. وللشباب أقول لم أدخن قط بحياتي. الناس في رمضان حالياً لم يعد بإمكانهم الشعور بجمال تلك الأيام وبساطتها وتقاربهم من بعضهم، وغياب مودتهم المتبادلة النقية الخالية من أي رسمية أو تعقيد مصطنع كما حالنا الآن. ارسل لي مشكورا المعلم المحترم محمد علي محمود العبدالله من فلسطينالمحتلة يصحح معلومة يقول أنها وردت سابقا في مقال كتبته عن مدرسة مشروفة، حيث ذكرت أنه ينتمي لمنطقة عنبتا بفلسطين، بينما الصحيح أنه من راس عطية بمحافظة قلقيلية، كما صحح ان المعلم شغنوبي اسمه الأول حسين وليس حسن. ها أنا ذا أصحح بناء على ذلك. شكراً أبا مهند، وطريب الذي أحببته يحمل لك الود. حتى هذه اللحظة لم يخبرنا أحد عن حدود الفرعة عاصمة وادي طريب وماهي القرى التي تشملها العاصمة. مع أن البعض لا يعترف أنها عاصمة أصلا!. وأرى أن العاصمة هي القرية الصغيرة التي تم تجريفها وقتل ماضيها وهي التي بها قصر سهلة المتهالك والغريب في تشييده وفي أسرار تكوين مواده، وله موضوع خاص. وبالمناسبة من كان له بقريته الأساس التي ينتمي لها أبا عن جد شبراً من القاع سواء كانت مزارع أو سكن ثم يبيعها أو منزلا قديما فيهدمه أو يبيعه فهو في الواقع ينهي ارتباطه واحفاده بذلك المكان ويصبحون بلا انتماء مع تقادم الزمن. رمضان له بالنفوس مكانة خاصة عند الجميع، وجيلنا لديه حنين للزمن الأقدم أكثر من غيره، والسر الذي سأفشيه لكم هو لأن العمر كان هناك أجمل والمجتمع كان أكثر استمتاع بالحياة منه الآن. رئيس تحرير الصحيفة (الرأي) أُرسل له المقالات بحسب الوقت المتاح، فلا ينشرها إلا بعد أن أرسل له بعد كل مقالة موضوع مختلف ليس له أي علاقة بالفكر والصحافة وبعضها على شكل صورة من الطبيعة، وأحياناً يسأل هل الموضوع نهائي ام هناك تغيير، فأغير واحيانا اجد خلل يستحق المراجعة. وزاوية صوت العاصفة مرهقة لعلاقتها بجوانب وموضوعات مختلفة قد تجلب صداع لا يفيد معه المسكن، وقد اصبح بها 71 موضوعاً. عوداً على بدأ: اكتشفت أن غيابك الطويل عن الديرة يجعلك إذا ما جئت إليها يوما كالغريب الذي لا يرغب حتى المكان أن تطأ عليه بقدماك. إلى لقاء.