بقلم | خالد العزاب القارئ المثالي : هو ذلك الكاتب الذي تلتقي كلماته مع الكاتب على الورق قبل ان يبدأ بالقراءة . القارئ المثالي هو ذلك الذي يعيد ترتيب الفكرة والقصة من جديد. القارئ المثالي هو ذلك الذي يثير نزقه صرير الباب , والضجيج في الخارج , وسطوع الأنوار , ورداءة الخط. في البرنامج الشهير على BBC( لقراءة كتب الاطفال ) يسأل المذيع الضيف هل أنت مرتاح في جلستك ؟ اذاً لنتفق أن القارئ المثالي هو ذلك الجالس مثالي أيضاً. عندما سئل فولتير عمن سيقود المجتمع قال : الذين يعرفون كيف يقرؤون. اذاً كيف تقرأ ، ماذا تقرأ، ولمن قرأت ، لا يمكن ان تبتعد عن مقولة القارئ الذكي يقرأ الكتاب من كاتبه وليس من عنوانه. القارئ المثالي هو من لا يعير أحداً كتابً من مكتبته. القارئ المثالي هو من يبحث عن الأسئلة لا عن الأجوبة. القارئ المثالي هو المحلل والمشرح والمنقب عن المعلومات صاحب الصبر الطويل والبال العريض لا يؤمن بالكاتب ولا يرزح تحت ثقل اي أدلجة كانت ؛ يكون كيفما يكون , ويحلق حيثما شاء. القارئ المثالي ليس محنط حيوانات , كما كل الأدوات هي مألوفة لديه ومن حقه وملكيته. كل الاساليب جديدة عند القارئ المثالي. ( يجب أن يكون المرء مخترعاً لكي يحسن القراءة ) – رالف والدو إيمرسون . للقارئ المثالي مقدرة غير محدودة على النسيان , وبمستطاعه أن يطرد من ذاكرته ومعرفته بأن جيكل ومستر هايد هما الشخص عينه ، وأن جوليان سوريل سيقطع رأسه ، وأن اسم قاتل روجر أكرويد هو كذا وكيت . ليس لدى القارئ المثالي اي اهتمامات بكتابات بريت إيستون إيليس. القارئ المثالي يعرف ما اكتفى الكاتب بالإشارة إليه. القارئ المثالي قارئ تراكمي يؤمن بأن كل كتاب يقرأه يضفي على السرد طبقة جديدة من الذاكرة ويؤمن بأن كل الكتب التي قرأها كما لو كانت من كاتب ومؤلف واحد يربط بينهما كعمل غزير الإنتاج. القارئ المثالي لا يستطيع ان يصوغ المعلومات بقالب بسيط فكأنما يريد ان يتحدث عن كل شيء في آن واحد القارئ المثالي يقرأ لكي يستمتع ويستمتع لكي يتسيّد , ويتسيّد لكي يقرأ. القارئ المثالي لا يحصي الكتب التي قرأها , يمتلك حس ماكر يجيد كل شيء كل شيء. القارئ المثالي لو لم ينهي الكتاب لا أحس بأن الفقر يجتاح العالم وسيموت. القارئ المثالي يستمتع بالمعجم وهو يقلب بين كلماته. القارئ المثالي يلفت انتباهه غلاف الكتاب. القارئ المثالي عندما يقرأ التاريخ والعصور الغابرة يفهم الحاضر ويعلم كيف يكون المستقبل. القارئ المثالي يسلك النهج المطروق .(القارئ الجيد ، القارئ الكبير ، القارئ الخلاّق عالي الهمة ، هو من يعيد القراءة) – فلادمير نابوكوف. القارئ المثالي يحفظ للكتاب وعد القيامة. ليس للقارئ المثالي جنسية او بلد محددة. قد يتعين على الكاتب احياناً أن ينتظر لقروناً ريثما يعثر على القارئ المثالي. استغرق ويليام بليك على ١٥٠ عاماً حتى عثر على نور ثروب فراي. القارئ المثالي لدى ستاندال : ( أكتب لمائة قارئ بالكاد ، لكائنات تعيسة لطيفة أخاذة، لاتعظٌ ولا تنافق أبداً ، وأود أن أبهجهم ؛ أعرف بالكاد قارئاً واحداً منهم أو اثنين ). القارئ المثالي لايلم أبداً بتضاريس الكتاب. لا يفكر القارئ المثالي أبداً ب ” فقط لو…” القارئ المثالي مزاجي لا يؤاخذ على تقلباته. القارئ المثالي قادراً على الوقوع في غرام إحدى شخصيات الكتاب. هناك ثلاثة أنواع من القرّاء : ” الأول يستمتع من دون إطلاق الأحكام ؛ الثالث يطلق الأحكام من دون استمتاع ؛ وما بينهما في الوسط نوع ثالث يطلق الأحكام أثناء استمتاعه ويستمتع عند إطلاق الأحكام . الجماعة الأخيرة تعيد حقاً إنتاج العمل الفني من جديد ؛ أعضاؤها ليسوا كثراً ” – غوته، في رسالة إلى يوهان فريدريش روخليتز. خالد العزاب