يكشف جناح شركة أرامكو السعودية، الذي تشارك به في فعاليات مهرجان سفاري بقيق حالياً، عن جانب مهم من تاريخ العملات السعودية وتطورها، سواء في الشكل أو الوزن وكذلك في الاستخدام اليومي والانتشار، ويلمح التاريخ ذاته إلى أن الريال السعودي مر بتجارب ومراحل عدة قبل أن يثبت نفسه، حيث لم تكن بدايته قوية بعدما وجدت مقاومة كبيرة من عملات أخرى أقدم منه، انتشرت في المنطقة الشرقية، واعتمدتها شركات النفط العاملة في المملكة آنذاك، في صرف رواتب موظفيها، ولكن سرعان ما أعلن الريال عن نفسه كعملة أساسية في المملكة العربية السعودية، لم تجد شركات النفط مفراً من اعتماده في صرف رواتب موظفيها. وتشير بعض المخطوطات والمعلومات التي أعلنت عنها شركة أرامكو السعودية في “سفاري بقيق”، إلى أن الريال السعودي لم يكن له وجود قبل عشرينات القرن الماضي، ولكن مع بداية تأسيس المملكة العربية السعودية، وبالتزامن مع العديد من الإجراءات والأنظمة التي أصدرها الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن، لتنظيم شؤون البلاد، وجه يرحمه الله بإصدار العملات المعدنية الرسمية الأولى، ورغم هذا التوجيه إلا أن العملة السعودية (الريال الفضة) لم يحظ بالانتشار المأمول، وظل يقاوم الإقبال الكبير على الروبية الهندية، التي كانت منتشرة في هذه الأوقات، ودعم ذلك قيام شركة “كاسوك” العاملة في مجال النفط في المنطقة الشرقية آنذاك، حين بدأت أعمالها في عام 1933 بدفع رواتب موظفيها السعوديين بالروبية الهندية المصنوعة من الفضة، باعتبارها العملة الأكثر استخداما آنذاك في منطقة المقر الرئيسي للشركة الواقع في منطقة الأحساء. ولكن لم تستمر فترة ضعف انتشار الريال السعودي سوى سنوات معدودة، حيث بدأ ينتشر على نطاق واسع في أرجاء المملكة، منطلقا من المنطقة الشرقية، في المقابل، انحسرت بقية العملات الأخرى، وعلى رأسها الروبية الهندية، ففي عام 1938م، أصدرت شركة “كاسوك” تعليماتها باعتماد الريال السعودية كعملة أساسية لصرف رواتب موظفيها السعوديين، ما جعل العملة السعودية تنتشر وتتداول على مساحة كبيرة من المنطقة الشرقية، ولكن سرعان ما ظهرت مشكلة طارئة لمجلس إدارة شركة “كاسوك”، من بعدها مجلس إدارة شركة أرامكو السعودية، تتمثل في أن الريال السعودي الفضي في ذاك الوقت، وحتى عقد الخمسينات، كان كبير الحجم وثقيل الوزن، ما يعني أن متوسط الراتب الشهري للموظف السعودي كان يزن نحو أربعة كيلوجرامات من الريالات الفضية، وهو ما كان يتطلب من الشركة تأمين رواتب تزن نحو 60طنا متريا من الفضة، تنقلها شاحنات، وتحفظ داخل مستودعات خاصة، عليها حراسة أمنية مشددة. واستمر هذا الوضع على ما هو عليه، إلى أن جاء عام 1969، الذي شهد توجيهات جديدة من مؤسسة النقد السعودي، بإصدار عملات ورقية جديدة، من فئات الخمسة والعشرة ريالات وكذلك الريال الواحد، تم تداولها فعليا في 25 يناير من العام نفسه. واستخدمت أحدث الطرق الطباعية الأمنية، وأدمجت فيها ميزات إضافية منعا للتزييف.