في مقالة له بجريدة ''واشنطن بوست'' الأمريكية، رأى الكاتب رونالد كاملن أن الذين اعتقدوا أن انهيار الأنظمة السلطوية في مصر وتونس وبقية الأنظمة الاستبدادية في الوطن العربي، مثل ليبيا، سيأتي لهذه الدول بالديمقراطية، أغفلوا أن الأنظمة التي ستظهر ستدعي الديمقراطية، وبالتالي سينساق العالم وراء هذه الكذبة، مشيراً إلى ان ''اختبار أي نظام يكمن في قوة علاقات العمل التابعة له خلف الكواليس''. أضاف الكاتب ''ممكن للديمقراطية أن تأخذ منحى متطوراً في الدول ذات التقاليد المؤسسية القوية نسبياً مثل مصر وتونس ولكن في دول مثل ليبيا واليمن، فهم أكثر عرضة لإنتاج الأنظمة المختلطة؛ موضحاً أنه بداخل هذه النظم تتنافس الجيوش وجهاز الشرطة والقبائل والأحزاب السياسية قليلة الخبرة على الأخذ بمقاليد الحكم. وقال الكاتب ''إن هذا التنافس يؤدي إلى التفكك وعدم الاستقرار في الوقت الذى تجمع فيه بين سمات الديمقراطية والسلطوية، وهذا هو الطريق نحو الحداثة الحقيقية أكثر منها فوضى''. ولفت الكاتب في مقاله أن الشباب يقفون كحجر عثرة في وجه الديمقراطيات، التي تنشأ سريعاً في الشرق الأوسط، فهؤلاء الشباب وجدوا في وسائل الإعلام الاجتماعية طريقة لتحدى رصاص البنادق – الذى يستطيع أن يسقط النظام ولكنهم لا يستطيعون، بالضرورة أن يتولوا مقاليد الحكم، بحسب الكاتب. تابع ''عندما انتشرت المسيحية في دول حوض البحر المتوسط في العصور القديمة، لم توحد العالم في ذلك الوقت أو تجعله أكثر خلقاً، بل قسمته إلى مذاهب وطقوس وبدع مختلفة جميعها تتقاتل مع بعضها البعض؛ حيث استمرت القوى السياسية كما كان في السابق، مشيراً إلى أن شيئاً مماثلاً قد يترتب على انتشار الديمقراطية في الأنظمة العربية''. ولفت كاملن إلى أن الانتفاضات الشعبية التي اندلعت في الشرق الأوسط سيكون لها بالغ الأثر على أوروبا والولاياتالمتحدة، موضحاً أنه على مر عقود طويلة انفصلت الحافة الشمالية من البحر الأبيض المتوسط بسبب الأنظمة الاستبدادية التي خنقت التنمية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، في الوقت الذي تقوم فيه هذه الأنظمة المستبدة بالسماح للسياسات المتطرفة بالتوسع في البلاد، مشيراً إلى أن تونس ومصر لن ينضما إلى الاتحاد الأوروبي، ولكن ستظل كل منهما منطقة ذات عمق بالنسبة للاتحاد الأوروبي''. أشار الكاتب:'' إن الثورات التي اندلعت في الشرق الأوسط للإطاحة بالأنظمة السلطوية ستمنع التدخل الأمريكي بسبب تعقيد الأنظمة المختلطة التي ستنشأ نتيجة هذه الثورات؛ لذلك فإن أي محاولة لفرض النفوذ الأمريكي في أي من العواصم العربية ستكون محدودة بسبب وجود الديمقراطية؛ على عكس، نفوذها الصارخ في وجود المساعدات العسكرية التي كانت تمنحها للعديد من الدول العربية، وفى ظل وجود الانقسامات التي ستستمر كالطاعون في المنطقة، خاصة مع وجود التهديد الإيراني النووي؛ بذلك ستهتم المجتمعات العربية بتصحيح أوضاعها حيث ظلت تتجاهل لفترة طويلة المظالم الاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية''. اختتم الكاتب رونالد مقاله بالإشارة إلى ما كتبه صاحب نظرة صدام الحضارات صموئيل هنتجتون أن الولاياتالمتحدة ورثت نظامها السياسي من إنجلترا؛ وهكذا فإن الاضطرابات السياسية الموجودة في الولاياتالمتحدة يجب أن تعمل على ترويض السلطة والتماشي معها بدلا من خلق نظم جديدة من العدم؛ مضيفاً إن العالم العربي يواجه التحدي العكسي من ذلك؛ وهو أن يخلق من تراب الطغيان شرعية سياسية''.