شكّل مجلس الشورى ذراعاً قوية وفاعلة للقيادة على مدى سنواته التي أمضاها من نشأته، فالمجلس ووفق تطلعات كبيرة من القيادة والمواطنين على حد سواء لايني في رسم ملامح نهضة البلاد وتحديثها ومعالجة جوانب القصور التي يرصدها بعينه البصيرة النافذة والواعية. في حين شهد المجلس عدة قرارات لمشاريع أنظمة ودراسات وتوصيات عميقة مهمة تلامس تطلعات ومطامح مواطني هذه البلاد الكريمة. ومجلس الشورى ومن خلال حضور نخبوي مؤهل منح ثقة ملكية جديرة يضطلع بفتح رؤى وأفكار إبداعية خلاقة في جسد هذا الوطن الذي ائتمنه قادتها على رسم ملامح ناصعة ومكانة تليق بتاريخه. ويظهر جلياً في كل خطابات الملك عبدالله التي يلقيها سنوياً تحت قبة الشورى تأكيد القيادة الرشيدة على الدور الثابت للمجلس في بناء الدولة والمشاركة في صناعة القرار والإسهام في إيجاد المعالجات الناجحة للتحديات والطموحات الآنية والمستقبلية والتركيز على القضايا الجوهرية التي تهم الوطن والمواطن، وقد أصبح بذلك حسب قول خادم الحرمين سنداً قوياً للدولة وحلقة رئيسة في منظومة مؤسسات السلطة التنظيمية. وتأكيداً على تناغم الأداء وتكاملية الجهود بين مجلس الشورى ومجلس الوزراء توجت إنجازات الشورى خلال السنوات الماضية بصدور أكثر من سبعمائة وستين قراراً من مجلس الوزراء بناء على قرارات الشورى خلال الفترة الماضية، ومعظمها قرارات حيوية لتطوير العمل في الأجهزة الحكومية، وتحسين مستوى المعيشة والخدمات للمواطنين والمقيمين. " الرياض" تستعرض في هذا التقرير أهم قرارات وإنجازات مجلس الشورى الذي تبنى العديد من المبادرات التي تستهدف تحسين معيشة المواطن في مقدمتها مواجهة مشكلة البطالة، وتعزيز جهود توطين الوظائف. ولعل من أبرز قراراته في هذا الشأن فصل قطاع العمل في وزارة مستقلة بما يسهم في تطبيق خطط طموحة للتدريب والتوظيف تستثمرمخرجات التعليم، وتوفر فرص عمل للمواطنين، كما تم توحيد جهات الاستقدام وإنشاء صندوق لتسهيل توظيف المواطنين في القطاع الخاص ، وإنشاء مركز وطني للمعلومات المتعلقة بالعمل. وعلى صعيد القضايا المجتمعية التي حظيت باهتمام المجلس واتخذ حيالها قراراتٍ عدة تستهدف تحسين الأداء وتلبية احتياجات الناس، قضية ارتفاع الأسعار وتحسين أوضاع المستفيدين من الضمان الاجتماعي ورفع الحد الأقصى لمعاشات الضمان المخصصة لكل أسرة. ومن قرارات مجلس الشورى وضع حد أدنى لرواتب المتقاعدين ودراسة ظاهرة ارتفاع تكاليف الزواج ودراسة ما شهده سوق الأسهم من تراجع، وكذلك إقرار عدة أنظمة تتوجه لتنظيم القطاع الصحي وتقديم خدمة صحية جيدة. وكان للمجلس جهوده البارزة في فصل قطاع الشؤون الاجتماعية في وزارة مستقلة وإنشاء صندوق لتنمية الموارد البشرية وآخر لتنمية الصادرات، إضافة إلى هيئة مستقلة تعني بالغذاء والدواء وهيئة عليا للإسكان تتولى وضع حلول دائمة لمعاناة المواطنين والإسهام في توفير السكن المناسب. وأقر المجلس إنشاء هيئة سعودية للطاقة الذرية، وأسهم المجلس في تطوير منظومة القضاء من خلال إقرار الأنظمة القضائية، نظام المرافعات الشرعية، ونظام الإجراءات الجزائية، ونظام المرافعات أمام ديوان المظالم. واستشعر الشورى ما تمثله مشكلة نقص المياه من تحدٍ لمستقبل التنمية في المملكة ، ولهذا أولى المجلس تلك القضية اهتماماً خاصا حيث أقر إستراتيجية متكاملة لمواجهة نقص المياه تمثلت في جمع كافة الجهات المعنية بالمياه تحت مظلة وزارة واحدة ، وأصدر قراراً بمنع تصدير الأعلاف، ووقف توزيع الأراضي البور، إضافة إلى تدريب الكوادر الوطنية المتخصصة في مجال تنمية مصادر المياه. وفيما يتعلق في القضية التي أقضت مضاجع ولاة الأمر والمسؤولين والمواطنين قام مجلس الشورى بدراسة ظاهرة الإرهاب والعنف بكل جوانبه الفكرية والجنائية والاجتماعية والاقتصادية وشكّل لجنة تولت إعداد دراسة متكاملة للتعرف على أسباب تلك الظاهرة وكيفية التصدي لها من خلال خطة وطنية لمعالجة الخلل من جذوره، وتجفيف منابعه، الأمر الذي تجسد في بروز نهج المناصحة والحوار. وغير بعيد عن ذلك وإيماناً من المجلس بأن ظاهرة الإرهاب ظاهرة عالمية تتشابك مصالحها وأطرافها فقد أقر المجلس عدة اتفاقيات دولية لمكافحة الإرهاب وتجفيف مصادر تمويله في مقدمتها الاتفاقية العربية، والإستراتيجية الأمنية الموحدة لمكافحة ظاهرة التطرف المصحوب بالإرهاب.