يتجه حجاج بيت الله الحرام، في اليوم الثامن من ذي الحجة، والمسمى "يوم التروية" محرمين على اختلاف نسكهم، متمتعين وقارنين ومفردين، إلى صعيد منى، اقتداء بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم. ويستحب التوجه إلى منى قبل الزوال، أي قبل الظهر، فيصلي بها الحجاج الظهر والعصر والمغرب والعشاء، والفجر، قصرا للصلاة الرباعية وبدون جمع، ولا فرق في ذلك بين أهل مكةالمكرمة وغيرهم، والسنة أن يبيت الحاج في منى يوم التروية. وعندما يصلى الحاج فجر التاسع من ذي الحجة، ينتظر حتى طلوع الشمس، فيتجه صوب عرفات، بهدوء وسكينة ملبيا ومكبرا وذاكرا لله تعالى. ويقع مشعر منى، بين مكةالمكرمة، ومشعر مزدلفة، على بعد سبعة كيلو مترات شمال شرق المسجد الحرام، وهو مشعر داخل حدود الحرم، وهو وادي تحيط به الجبال من الجهتين الشمالية والجنوبية، ولا يسكن إلا مدة الحج، ويحده من جهة مكةالمكرمة جمرة العقبة، ومن جهة مشعر مزدلفة وادي محسر . ويقول المؤرخون، إن تسمية "منى" أتت لما يراق فيها من الدماء المشروعة في الحج، وقيل لتمني آدم فيها الجنة، ورأى آخرون أنها لاجتماع الناس بها، والعرب تقول لكل مكان يجتمع فيه الناس منى. وبمنى رمى إبراهيم عليه السلام الجمار، وذبح فدية لابنه إسماعيل عليه السلام، وفيه قال عز وجل "فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاء الْمُبِينُ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ". وذكر بعض المؤرخين أنه كان بمنى مسجد يعرف بمسجد الكبش. وبمنى نزلت سورة النصر، أثناء حجة الوداع للرسول صلى الله عليه وسلم، وبمنى تمت بيعة الأنصار، المعروفة ببيعتي العقبة الأولى والثانية، حيث بايعه عليه السلام في الأولى 12 شخصا من أعيان قبيلتي الأوس والخزرج، فيما بايعه في الثانية 73 رجلا وامرأتان، من أهل المدينة، وكانت قبل هجرته عليه أفضل الصلاة والسلام إلى المدينةالمنورة.