شهد النصف الثاني من القرن العشرين قفزات هائلة في تكنولوجيا الزراعة وصناعة الغذاء، وأكد العلماء أن المستقبل القريب سوف يعتمد على إنتاج اللحوم المصنعة في المختبرات أكثر من مزارع الأبقار، وسوف تسهم اللحوم الصناعية في مكافحة الفقر وحل أزمة الغذاء العالمية نظرا لقلة المراعي الطبيعية التي لا تتناسب مع الزيادة الكبيرة في تعداد سكان الكرة الأرضية، والتي من المنتظر أن يصل إلى نحو 8.9 مليار نسمة بحلول عام 2050. ضربة البداية .. فرنسية بدأ حلم تصنيع اللحم في المختبرات يراود العلماء منذ بدأت شرارته الأولى عام 1908 في مختبر الفرنسي الفائز بجائزة نوبل في الطب عام 1912، ألكسي كاريل، الذي قام بوضع قطعة من لحم الدجاج في محلول مغذ.. وبمرور الوقت اكتشف أن حجم شريحة اللحم يتضاعف مع الاحتفاظ بحيويتها وخصائصها ثم قام بعدها باقتطاع شريحة من نسيج القلب الآخذ في النمو وقام بزرعها بنفس الطريقة في وعاء آخر واستمرت هذه العملية مرات ومرات حتى توفي كاريل عام 1944. لكن شرائح اللحم المزروعة في أنابيب الاختبار لم تتوقف عن النمو في مختبره، وقد أثارت هذه التجارب خيال بعض الكتاب فأطلقوا على اللحوم المنتجة في المختبرات اسم «لحوم فرانكنشتاين». ناسا تؤمن البروتين الصناعي لرواد الفضاء وعلى الرغم من حملات التشكيك، عكف العلماء في العديد من المراكز البحثية حول العالم لمحاولة إنتاج اللحوم داخل المختبرات ففي عام 1995، أكدت وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) دعمها لأبحاث اللحوم الصناعية لتوفير البروتين اللازم لرواد الفضاء في حالة قيامهم برحلات طويلة إلى الفضاء؛ خصوصا الرحلة الأولى المنتظرة إلى كوكب المريخ، كما تسابقت مراكز الأبحاث والمختبرات والشركات على مستوى العالم في تسجيل براءات اختراع في هذا المجال، وأعلنت فرق العلماء سعيها الدائم إلى تطوير هذا المنتج ليلقى قبولا لدى المستهلكين. ففي عام 2010، أكد العلماء في هولندا وأستراليا والسويد وغيرها نجاحهم في إجراء أبحاث تهدف إلى زراعة واسعة النطاق للخلايا العضلية لحيوانات كالخنازير والأبقار وطيور كالدجاج تعتمد على استخراج الخلايا من عضلات الحيوان ومزجها في مفاعلات خاصة تسمى المفاعلات الحيوية (Bioreactors) مع خليط من المغذيات اللازمة فتتضاعف الخلايا مكونة أنسجة عضلية تشبه قطع اللحم. كما أعلن فريق بحثي بكلية تورو الأميركية عن نجاحهم في إنتاج لحوم أسماك الشبوط (Goldfish) من عينة من خلايا مأخوذة منه وهو حي. كما قام علماء في المختبرات الهولندية، بالعمل على تطوير اللحم الاصطناعي ,حيث يتم اخذ بعض الخلايا من الحيوانات والماشية ومن ثم يتم استنساخها ولكن هذه الزراعة ما زالت في مراحها الاولى . والهدف هو ايجاد وسيلة أرخص وأكثر كفاءة، لتتناسب مع الطلب المتزايد على اللحوم. زرع الخلايا الجذعية وفي مؤتمر فانكوفر توصل علماء الى فكرة يمكن من خلالها زرع الخلايا الجذعية من لحوم الحيونات وتطويرها لتصبح بحجم مشابهة للحم الحيواني ، وقد أتفق العلماء على شيئ واحد يتفق عليه جميع العلماء ان نمو اللحم بالطريقة الطبيعية هو الحل الاكثر فعالية . ولكن هؤلاء العلماء يريدون خلق مصدر آخر لانتاج اللحوم ليس له اي علاقة مع الأبقار أو مزارع. منذ 4 سنوات قامت جميعة بيتا للرفق بالحيونات بتقديم جائزة مليون دولار وذلك لتطوير اللحم الصناعي حتى نهاية العام 2012. اللحم الاصطناعي من الناحية النظرية يمكن ان يكون البديل الاساسي عن اللحم الذي نأكله الان والقادم من الحيوانات. ويؤكد العلماء انهم سيقومون بتطوير لحوم بنكهات الخنزير يمكن ان تصبح متوفرة بعد عشر سنوات على الاقل. فاللحوم المصنعة هي اللحوم التي تخضع لعمليات معالجة وتصنيع متنوعة، يتم خلالها إضافة الأملاح والأصباغ والمنكهات الكيميائية وعمليات التثخين التي تغير من تكوينها وطعمها الأصلي، مما يجعل التعرف على نوع اللحوم من قبل خبراء التذوق والتصنيع الغذائي شيئاً بمنتهى الصعوبة، خصوصاً لأن اللحم يتعرض للطحن مما يفقده شكله الأصلي.