فيما تستمر المواجهات بين النظام السوري والمعارضة، نشأ للأزمة وجه جديد يتمثل في حرب إلكترونية ظهرت عبر خدمات الهواتف المتحركة وشبكة الإنترنت، ففي حلب، الشهر الماضي، تلقى عدد من السوريين رسائل نصية قصيرة على هواتفهم النقالة تقول: "اللعبة انتهت." الغريب في الأمر أن المقاتلين من المعارضة السورية، خصوصا أولئك ممن يتخلصون من هواتفهم المتحركة بين فترة وأخرى تحسبا لمراقبة تحركاتهم من قبل النظام، لم يتلقوا هذه الرسالة، وهو ما يدل على استخدام النظام السوري المدنيين كوسيلة لإيصال رسائل إلى الثوار، كما يقول توفيق رحيم، المحلل في الشؤون العربية. ويؤكد رحيم أن النظام السوري أدرك الآن أهمية الإنترنت وخدمات الهواتف النقالة في عمليات الاتصال بين المعارضة وقادتها في الخارج، وهو ما قد ثيري المخاوف من إمكانية قطع شبكة الاتصالات في سوريا، كما حدث في مصر خلال ثورة 25 يناير/ كانون الثاني. من جانبها، تقول جيليان يورك، مديرة وحدة حرية التعبير الدولية في مؤسسة "الكترونيك فرونتير": "هناك الكثير من الدلالات التي تشير إلى إمكانية حصول ذلك في سوريا، ففي مصر، لم يتوقع أحد ذلك." والشهر الماضي، تعطلت شبكة الاتصالات في حلب لمدة عشرة أيام، ما دفع النشطاء إلى استخدام هواتف الأقمار الصناعية للتواصل، حتى عودة الخدمة في 20 سبتمبر/ أيلول الماضي. أما في يوليو/ تموز الماضي، فقامت شركة الاتصالات السورية بإغلاق 61 من أصل 66 شبكة داخل البلاد، وهو ما أدى إلى قطع الإنترنت لنحو 40 دقيقة. يقول دوغ مادوري، المحلل في شركة رينيسيس، التي تتابع حركة بيانات الإنترنت والاستخبارات في العالم: "كون الحكومة السورية هي التي تقدم خدمة الاتصالات في البلاد، فيمكنها قطع الشبكة في أي وقت. ولعل قطع الاتصالات خلال الأشهر الماضية نجم على ما يبدو عن تدمير شبكات الاتصالات على الأرض، ولهذا كانت مدته قصيرة، غير أن مناطق أخرى، كحلب مثلا، شهدت توقفا كاملا لخدمات الإنترنت لفترات طويلة جدا." أما فادي سالم، أكاديمي وناشط سوري، فيؤكد أن من مصلحة الأسد استخدام الناشطين لشبكة الاتصالات والإنترنت، إذ يمكنه من خلال ذلك الاستماع إلى ما يقولون، واختراقهم، بل والتجسس عليهم لجمع المعلومات. ويضيف سالم بالقول: "الكثير من النشطاء لا يعتمدون على الإنترنت فقط، بل يستخدمون بشكل أساسي هواتف الأقمار الصناعية، فخلال الأيام العشرة من انقطاع الاتصالات في حلب، كانت لدى النشطاء القدرة على تحميل الفيديو والتحدث إلى محطات التلفزيون وغيرها." يذكر أن شركة الاتصالات السورية تحتكر خدمة الانترنت في البلاد، فعلى عكس لبنان، حيث يتمتع سكانه وعددهم ثلاثة ملايين مواطن ب900 خط للإنترنت في أرجاء البلاد، لا يوجد في سوريا أكثر من 66 خط للإنترنت يستخدمها 30 مليون سوري.