أكد وزير العدل الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى أن التدريب الموجه يمثل خياراً استراتيجياً في مفاهيم تطوير الأداء العدلي وتحديث إجراءاته والتعاطي الأمثل مع أساليبه وأنماطه الجديدة. وشدد الوزير العيسى عقب رعايته البرنامج التدريبي (المهارات المهنية لرؤساء محاكم الدرجة الأولى) الذي عقدته وزارة العدل بحضور ومشاركة عدد من رؤساء المحاكم على أهمية التدريب القضائي لكافة درجات التقاضي بمختلف المهام المسندة للعملية القضائية، لافتا أن الأخذ به وفق أسس مدروسة سيترجم في المستقبل القريب إن شاء الله مسيرة نجاح تحكي فصلاً مهماً في تاريخنا القضائي، وما أعظم أن يضاف إلى تسلح القاضي الشرعي بعلوم الشريعة التزودُ بالمفاهيم الإجرائية الحديثة وطرح الكثير من الموضوعات على طاولة البحث والنقاش والعصف الذهني، حيث نحرص في تدريب قضاتنا على هذا النهج الذي يحيل العملية التدريبية إلى حوار مفتوح، ويترجمه إلى واقع عملي لا يصطدم بخيالات التنظير المجرد، فكثيراً ما أثبت قضاتنا في حلقات التدريب أن بعض النظريات الإجرائية لا تعدو أن تكون مغرقة في الخيال ولا محل لها عند محك التطبيق، وكثيراً ما زود قضاتنا بعض هذه النظريات الواقعية والمنطقية بإثراء مضاف، ولا يعني هذا عدم إفادتهم من الأطروحات النظرية بل لقد استفادوا من كافة ما يطرح فيها مما هو جدير بالأخذ، وقد لمسنا تطويراً في العمل القضائي في سياق تقويمنا لأداء هذه الدورات التي تصقل مكامن الإبداع لدى القاضي وتعمل على تنميتها وتطويرها وتحرك راكدها، فالقضاء لا بد أن يُضاف لمادته الموضوعية التي تُعدُّ الأهمَّ وهي مناطُ ومحورُ العمليَّة القضائية، بل ومكمنُ الاعتزاز حيثُ تحكيم الشَّريعة، أن يُضاف لها مادة إجرائية، وهي المنشودة في مثل هذه الدورات التي تنصب في غالبها على موضوعاتٍ تتعلق بأحكام مواد نظام القضاء ونظام المرافعات الشرعية ونظام الإجراءات الجزائية، وهناك فرق كبير بين القاضي الذي أثرى مادته بالتدريب والحوار والاستطلاع وبين غيره، يظهر أثرُ ذلك على عمله إنجازاً وجودة، فالقاضي المدرب يتميز في وصف الوقائع، ورصف الأسباب، ويُحكم منطوقة بما يستطيع من خلاله تجلية أحكام الشريعة المطهرة دون أي قصور يتعلق بالتأهيل ونعني بالتأهيل هنا اللاحق والملازم له، أما التأهيل الأكاديمي فهو يمثل وثيقة بتحصيل قدر معين من الفقه لكن شغل الوظيفة القضائية ومواكبة مستجداتها والتعامل مع تحولاتها الإجرائية ومتابعة كل جديد فيها بما يفتح للقاضي آفاقاً رحبة تترجم مستوى إبحاره واستطلاعه واستطاعته كل هذا يتطلب تكثيف هذه الدورات التي يُعبِّر لنا القضاة عن المستوى الكبيرفي إفادتهم منها.